فصل : فإذا ثبت أن المسلم لا يقتل بالكافر فحالهما تنقسم أربعة أقسام :
أحدها :
ما لا يقتل به ، وتجب عليه دية كافر ، وهو أن يبتدئ المسلم بقتل الكافر ، توجيها فلا يجب القود لإسلام القاتل ، وتجب به دية كافر لكفر المقتول .
والقسم الثاني :
ما لا يجب فيه القود ، وتجب فيه دية مسلم ، وهو أن يجرح المسلم كافرا ، ثم يسلم المجروح ، ويموت مسلما ، فلا قود على المسلم : لأن المقتول وقت الجرح كان كافرا ، وفيه دية مسلم : لأنه مات من الجرح مسلما : لأن الاعتبار في القود بحال الابتداء ، وفي الدية بحال الانتهاء .
والقسم الثالث :
ما يقتل به المسلم ولا يجب فيه إلا دية كافر ، وذلك في حالتين :
أحدهما : أن يقتل كافر كافرا ثم يسلم ؛ فيقتل القاتل به ، وإن كان مسلما ، اعتبارا بحال القتل ، ولا تجب عليه إلا دية كافر : لأن المقتول مات كافرا .
والحال الثانية : أن يطلب المسلم نفس الكافر فيجوز للكافر أن يقتل طالب نفسه وإن كان مسلما ، فلو قتله المسلم الطالب لم يجب عليه إلا دية كافر ، ولو قتل المسلم لم يجب له دية لأن نفس المطلوب مضمونة ، ونفس الطالب هدر .
والقسم الرابع : ما اختلف القول فيه ، وهو أن
يقتل مسلم كافرا في الحرابة ففي قتله به قولان
للشافعي :
أحدهما : وهو المشهور عنه أنه لا يقتل به لعموم النهي .
والقول الثاني : ذكره
الشافعي في موضع وقال : هذا مما أستخير الله فيه أن يقتل به : لأن في قتل الحرابة حقا لله تعالى يجب أن يستوفى ولا يجوز العفو عنه فاستوى فيه قتل المسلم والكافر ، وهو في غير الحرابة حق لآدمي يجوز العفو عنه فسقط في حق الكافر ،
ولو قتل مرتد كافرا لم يجب عليه القود ، وإن اتفقا على الكفر لما ثبت له من حرمة الإسلام ، وما أجري عليه من أحكامه .