[ ص: 26 ] مسألة : قال
الشافعي :
ومن جرى عليه القصاص في النفس جرى عليه القصاص في الجراح .
قال
الماوردي : وهذا صحيح كل شخصين جرى بينهما القصاص في النفس جرى القصاص بينهما في الأطراف والجراح ، سواء اتفقا في الدية كالحرين المسلمين أو اختلفا في الدية ، كالرجل والمرأة والعبيد إذا تفاضلت فيهم ، وإن لم يجز القصاص بينهما في النفس لم يجز في الأطراف كالمسلم مع الكافر والعبد مع الحر .
وقال
أبو حنيفة : إن اختلفت دياتهما جرى القصاص بينهما في النفس دون الأطراف كالرجل مع المرأة بقتله بها ، ولا يقطع يده بيدها ، والعبيد إذا تفاضلت قيمهم ، وقل أن تكون متفقة . فيوجب القود بينهم في النفوس ، ويسقطه في الأطراف ، استدلالا بأن التساوي معتبر في الأطراف دون النفوس : لأنه لا يجوز أن تؤخذ اليد السليمة بالشلاء ، وتؤخذ النفس السليمة بالنفس السقيمة ، فلم يمنع تفاضل الديات من القود في النفوس ، ومنع من القود في الأطراف ، ولأن أطراف الرجل أعم نفعا من أطراف المرأة لاختصاصها بالتصرف في الأعمال والاكتساب ، فلم تكافئها أطراف المرأة فسقط القود فيها .
ودليلنا قول الله تعالى :
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين إلى قوله :
والجروح قصاص [ المائدة : 45 ] فكان على عمومه .
ولأن كل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس جرى في الأطراف كالرجلين .
ولأن كل قصاص جرى بين الرجلين والمرأتين جاز أن يجري بين الرجل والمرأة كالنفوس ، وكل قصاص جرى بين الحرين جرى بين العبدين كالنفوس ، وقد مضى الجواب عن استدلاله باعتبار التكافؤ في الأطراف دون النفس بأنه معتبر في الأمرين ، وفي الشلل حكم نذكره في موضعه ، وما ذكره من اختصاص أطراف الرجل بالمنافع فيفسد من ثلاثة أوجه :
أحدها : ما اتفقوا عليه من أخذ يد الكاتب والصانع والمحارب بيد من ليس بكاتب ولا صانع ولا محارب .
والثاني : أن في يد المرأة منافع ليست في يد الرجل فتقابلا .
والثالث : أن أطراف العبيد تماثل في المنافع ، ولا يجري فيها قود ، فبطل هذا الاعتبار وبالله التوفيق .