فصل :
إذا أرسل عليه سبعا فافترسه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن لا يقدر على الخلاص منه لقصور خطوته عن وثبة السبع ، فعليه القود لأنه بمثابة من أرسل سهما قاتلا .
والضرب الثاني : أن يقدر على الخلاص منه ، إما بسرعة العدو وإما بالدخول إلى بيت ، أو بالصعود إلى شجرة فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون مضعوف القلب ، إما بصغر أو بله يدهش في مثل ذلك عن توقيه ، فالقود فيه واجب ، لأنه عاجز عن الخلاص ، وإن قدر عليه غيره .
والضرب الثاني : أن يكون ثابت النفس قوي القلب يقدر على الخلاص ، فلم يفعل حتى افترسه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يقف السبع بقدر إرساله زمانا ، ثم يسترسل فلا قود ولا دية ، لأن حكم إرساله قد انقطع بوقوفه فصار هو المسترسل بنفسه .
والضرب الثاني : أن يسترسل عليه مع إرساله من غير توقف ، فلا قود لقدرته على الخلاص وفي وجوب الدية وجهان تخريجا من القولين المتقدمين :
أحدهما : لا يجب : لأن قدرته على الخلاص تقطع حكم الإرسال .
والوجه الثاني : تجب عليه الدية لاتصال التلف بالإرسال .
فأما إذا كتفه وألقاه في أرض مسبعة ، فافترسه السبع فلا قود عليه ولا دية ، ويكون كالممسك والذابح ، لا يجب على الممسك قود كذلك هاهنا ، وإذا وجب عليه القود بإرسال السبع عليه فهو معتبر بتوجيه السبع له ، فأما إن جرحه السبع فمات من جراحته لم يخل جراحته من ثلاثة أقسام :
[ ص: 44 ] أحدهما : أن يقتل مثلها في الغالب فعليه القود .
والثاني : أن لا يقتل مثلها في الغالب فلا قود عليه ولا دية .
والثالث : أن يقتل مثلها ولا يقتل ، فعليه الدية دون القود .
فأما إذا ألقى عليه حية فنهشته فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يلقيها بين يديه فلا ضمان عليه بخلاف السبع لا يضر أو الحية تهرب .
والضرب الثاني : أن يلقيها على جسده ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون نهشها موجبا مثل حيات الطائف ، وأفاعي
مكة ، وثعابين
مصر وعقارب
نصيبين فعليه القود .
والضرب الثاني : أن تكون غير موجبة قد يسلم الناس منها كحيات الدود والماء ، ففيه قولان :
أحدهما : عليه القود اعتبارا لجنس القاتل .
والقول الثاني : لا قود ، عليه الدية ، لإمكان السلامة والله أعلم .