مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وإذا
ضرب لبنا فيه نجاسة بول لم يطهر إلا بما تطهر به الأرض من البول ، والنار لا تطهر شيئا " .
قال
الماوردي : وهو كما قال .
إذا
نجس التراب ببول ، أو خمر ، أو دم ، أو أي نجاسة كانت ، ثم ضربه لبنا فهو على نجاسته لا يطهر بما خالطه من الماء ، لأن الماء لم يقهره ولا يغلب عليه ، فإذا جف لم تجز الصلاة عليه إلا بأحد أمرين ، إما أن يبسط عليه بساطا طاهرا وإلا بأن يريق عليه ماء يكاثره فيعلم أن الماء قد غمر ظاهر النجاسة فيطهر ظاهره دون باطنه ، وتجوز الصلاة عليه ، ولا تجوز الصلاة وهو حامله لنجاسة باطنة .
والطريق إلى طهارة باطنه أن يقع في الماء حتى يتمات فيه ويغلب الماء على أجزاء نجاسته ، ثم يضرب لبنا فيطهر ظاهرا وباطنا إذا كانت النجاسة مائعة ، وإذا كانت مستجسدة كالروث ، والعذرة ، فلا طريق إلى طهارته بالماء ، فإن طبخ آجرا فهو على نجاسته ، والنار لا تطهره .
وقال
ابن القطان : إذا ضرب اللبن ، وفيه الروث ، ثم طبخ بالنار طهر ، لأن النار تأكل الروث ، ويبقى الطين فيصير خزفا ، وقد روي عن
الشافعي أنه سئل عن هذه المسألة
بمصر ، فقال : " إذا ضاق الشيء اتسع " . وليس يريد بذلك الطهارة ، وإنما يريد - والله أعلم - إباحة استعماله في غير الصلاة إذا لم يمكن التحرز منه ، وإنما لم يطهر ذلك بالطبخ : لأن النار لا مدخل لها في طهارة الأنجاس ، وليس وإن أكلت النار ما فيه من الروث ما يدل على طهارته ، لأن التراب قد نجس بمجاورة الروث عند حلول الماء فيه ، فإذا زال الروث بالنار المحرقة له بقيت نجاسة التراب الحادثة عن مجاورة الروث فلم يجز أن يحكم بالطهارة قال
الشافعي : ولو
فرش المسجد بلبن مضروب ببول ، أو نجاسة لم تصح الصلاة عليه : لأنه مصلى على نجاسة ، ولو بنى به حائطا في المسجد وصلى إليه جازت صلاته ، وإن كرهنا ذلك كله .
[ ص: 264 ]