فصل : لا بد للمصلي من طهارة موضع صلاته وما يقع عليه جميع أعضائه وثيابه ، فإن
أصاب في صلاته شيء من بدنه ، أو ثيابه موضعا نجسا فصلاته باطلة . قال
الشافعي في القديم : فإن كان الموضع الذي يحازي صدره نجسا ، ولا يقع عليه بدنه ولا ثوبه إذا هوى في صلاته فصلاته جائزة .
وقال
أبو حنيفة : في رواية
محمد عنه : تفتقر الصلاة إلى طهارة موضع القدمين والجبهة حسب ، ولا يضر نجاسة ما يلاقيه باقي الجسد .
وقال في رواية
أبي يوسف عنه : يفتقر إلى طهارة موضع قدميه دون جبهته وسائر بدنه فجعل عنه روايتان .
والدليل على فساد هذا القول : هو أنه موضع من جسده لو كان عليه نجاسة لم تصح صلاته ، فوجب إذا كان على نجاسة أن لا تصح صلاته كالقدمين ، ولأن كل طهارة وجب اعتبارها في القدمين وجب اعتبارها في الكفين كالنجاسة والحدث ، ولأنه محل نجس يلاقي بدن المصلي فوجب أن تبطل صلاته كالقدمين ، وإذا
صلى ومعه علاقة كلب ، أو خنزير ، فإن كانت العلاقة تحت قدمه أجزأته صلاته كالبساط ، وإن كانت بيده ، أو مشدودة بيديه ففي صلاته وجهان :
أحدهما : جائزة ، لأن للكلب اختيارا ينصرف به فلم يكن مضافا إلى نجاسة .
والوجه الثاني : أن صلاته باطلة لاتصال النجاسة به .
فأما إذا
أخذ في صلاته رباط ميتة : فإن تركه تحت قدمه فصلاته جائزة وإن أخذه بيده ،
[ ص: 265 ] أو ربطه بيديه فصلاته باطلة وجها واحدا بخلاف الكلب الذي له اختيار ينصرف به ، فلو
أمسك بيده رباط سفينة فيها نجاسة وكانت صغيرة تنصرف بإرادته فصلاته باطلة كما لو أمسك رباط ميتة ، وإن كانت كبيرة لا يقدر على تصريفها نظر في رباطها ، فإن كان ملقى على النجاسة فصلاته باطلة : لاتصال النجاسة به ، وإن كان طرف رباطها مشدودا بمكان طاهر منها ففي صلاته وجهان ، أصحهما : جائزة .