الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت أن استحقاق الدية في قتل العمد لا يقف على مراضاة القاتل ، فقد اختلف قول الشافعي فيما يوجبه قتل العمد على قولين :

أحدهما : أنه موجب لأحد أمرين من القود ، أو الدية ، وكلاهما بدل من النفس ، وليست الدية بدلا من القود ، والولي فيهما بالخيار ، كالحالف مخير في الكفارة بين الإطعام والكسوة والعتق .

ووجه ذلك شيئان :

أحدهما : قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين ، إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل وتخيرهم بين القود والدية يقتضي أن يكون كل واحد منهما بدلا من القتل كالكفارة .

والثاني : أن الدية بدل من نفس المقتول دون القاتل ، بدليل أن المرأة لو قتلت رجلا وجب عليها دية الرجل ، فلو جعلت الدية بدلا من القود صارت بدلا من نفس القاتل دون المقتول ، ولو وجب على المرأة إذا قتلت رجلا أن يؤخذ منها دية امرأة ، إذا ثبت أن الدية بدل من نفس المقتول جرت مجرى القود فصارا واجبين بالقتل .

والقول الثاني : أن قتل العمد موجب للقود وحده ، وهو بدل النفس ، فإن عدل عنه إلى الدية كانت بدلا من القود فيصير بدلا عن النفس .

ووجهه شيئان :

أحدهما : قول الله تعالى كتب عليكم القصاص في القتلى فدل على أنه الذي يجب له القصاص وحده .

والثاني : أن قتل الخطأ لما أوجب بدلا واحدا ، وهو الدية اعتبارا بالمتلفات التي ليس بها مثل ، اقتضى أن يكون قتل العمد موجبا لبدل واحد ، وهو القود اعتبارا بالمتلفات التي لها مثل .

التالي السابق


الخدمات العلمية