فصل : فأما
القود فهو عندنا موروث ميراث الأموال بين جميع الورثة من الرجال والنساء على فرائضهم .
وبه قال
أبو حنيفة وأكثر الفقهاء .
وقال
مالك : يرثه رجال العصبات من ذوي الأنساب دون النساء ودون الأسباب .
وقال
ابن أبي ليلى : يرثه ذووا الأنساب من الرجال والنساء دون ذوي الأسباب .
واستدل
مالك بقول الله تعالى
ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا [ الإسراء : 33 ] والولي يتناول الرجال من العصبات فدل على أن لا حق فيه لغيرهم ، ولأن القود موضوع لدفع العار فأشبه ولاية النكاح في اختصاصها برجال العصبات ، ولأن النساء لو ورثن القود لتحملن العقل كالعصبات ، وهن لا يتحملن العقل فوجب أن يسقط ميراثهم من القود كالأجانب .
ودليلنا قول النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=924444فمن قتل قتيلا بعده فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل .
[ ص: 101 ] ومن هذا الخبر دليلان :
أحدهما : أن الأهل عبارة عن الرجال والنساء من ذوي الأنساب والأسباب .
والثاني : أنه خيرهم بين الدية والقود ، والدية تكون بين جميعهم فكذلك القود .
وروى
الأوزاعي عن
حصين عن
ابن سلمة عن
عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924445ولأهل القتيل أن ينحجزوا الأول فالأول ، ولو كانت امرأة ومعنى قوله : لينحجزوا أن يتركوا يعني بتركهم فيما يجب على القاتل من قود ودية ، ولأن كل من ورث الدية ورث القود كالعصبة ، ولأن كل حق ورثه العصبة ورثه غيرهم من الورثة كالدية .
فأما قوله تعالى
فقد جعلنا لوليه سلطانا [ الإسراء : 33 ] فقد ينطلق اسم الولي على المرأة كما ينطلق على الرجل ، لأنها تليه وإن لم تل عليه ، ولو تناولت من يلي عليه لخرج منهم الأبناء والإخوة على أن المراد به مباشرة الاستيفاء ، وذلك يختص بالرجال دون النساء .
وأما استدلالهم بالنكاح في وضعه لنفي العار فليس بصحيح ، لأن القود يستحق للتشفي لا لنفي العار ، على أن ولاية النكاح لا تورث إنما تستفاد بالنسب ، والقود موروث فافترقا .
وما ذكره من اختصاص القود ، من يتحمل العقل فاسد بالآباء والأبناء والصغار والفقراء كل هؤلاء يرثون القود ، ولا يتحملون العقل كذلك النساء .