فصل : فإذا استقر تعيين من وجب عليه الضمان على ما ذكرناه من التقسيم كان
ما ضمنه الولي من ديته أو غرته على عاقلته ، لأنه من خطئه الذي تتحمله العاقلة عنه ، وكانت الكفارة في ماله ، لأن
العاقلة تتحمل العقل دون الكفارة .
فأما ما ضمنه الإمام من الدية أو الغرة ففيه قولان :
أحدهما : أنه مضمون على عاقلته يتحملونه عنه ، لأن
عمر - رضي الله عنه - حين ضمن جنين المرأة التي أرهبها فألقته ميتا قال
لعلي - عليه السلام - : عزمت عليك لا تبرح حتى تضربها على قومك . يعني من
قريش ، لأنهم عاقلة
عمر وكما يتحملون عنه العقل لو لم يكن إماما فعلى هذا تكون الكفارة في ماله كغير الإمام .
والقول الثاني : تكون الدية أو الغرة مضمونة في بيت المال ، لأنه يكثر من الإمام لما يتولاه من أمور المسلمين التي لا يجد من مباشرتها والاجتهاد فيها بدا ، فلو تحملت عاقلته ما لزمه من خطأ اجتهاده عجزوا عنه ولم يطيقوه ، فوجب أن يكون في مال من ينوب عنهم ويقوم بمصالحهم من المسلمين ، فلذلك كان في بيت مالهم .
فإن قيل : ليس هذا من مصالحهم ، فيكون في بيت مالهم .
قيل : لما كان سببه القصاص الذي فيه حفظ حياتهم وصلاح أنفسهم كان موجب الخطأ فيه من جملة مصالحهم ، فعلى هذا يكون في بيت المال ما ضمنه من الدية أو الغرة على تأجيل الخطأ ، وفي الكفارة وجهان :
أحدهما : في بيت المال كالدية لاتفاقهما في معنى الوجوب .
والوجه الثاني : أنها تكون في مال الإمام دون بيت المال ، لأن بيت المال عاقلته والعاقلة تتحمل الدية دون الكفارة .