[ ص: 122 ] مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : ولو
قطع يد رجل وقتل آخر قطعت يده باليد وقتل بالنفس .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : إذا قطع الجاني يد رجل ، ثم قتل آخر قطعت يده للأول ، وقتل للثاني .
وقال
مالك : يقتل بالثاني ويدخل فيه القطع ، لأن القتل أعم فاستوعب الحقين ولأن الغرض إفاتة نفسه والزيادة عليه ومثله ولأنه لو وجب عليه القطع في السرقة والقتل في الردة قتل بالردة ودخل فيه قطع السرقة ، كذلك في الجناية على اليد وعلى النفس ، يجب أن يدخل قطع اليد في قتل النفس ، وهذا خطأ لقول الله تعالى
وجزاء سيئة سيئة مثلها وقال تعالى
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ، فوجب أن يجازى بالأمرين ، ويستوفى منه الحقان ، ولأن القطع والقتل حقان لشخصين ، فلم يجز أن يتداخلا كالديون وسائر الحقوق ، ولأنه لما امتنع تداخلهما في الدية امتنع تداخلهما في القود ، ولأن الخطأ أخف من العمد وهما لا يتداخلان في الخطأ فكان أولى أن لا يتداخلا في العمد فبطل به الاستدلال الأول ، ولا يكون نكالا ومثله ، لأنه جزاء ، فاجتماع قطع السرقة وقتل الردة فقد اختلف أصحابنا في تداخلهما على وجهين :
أحدهما : لا يتداخلان ويستوفيان ، فيقطع بالسرقة ويقتل بالردة .
والوجه الثاني : يتداخلان ، لأنهما من حقوق الله تعالى ، فجاز تداخلهما ، وحقوق الآدميين لا تتداخل ، وهكذا اختلف أصحابنا فيمن زنا بكرا ثم زنا ثيبا ، هل يدخل الجلد في الرجم مع اختلافهما في الحكم واتفاقهما في الموجب على وجهين .