فصل : وأما
أبو حنيفة فاستدل على أن
شريك الأب لا يقتل بأنه شارك من لم يجب عليه القود ، فوجب أن يسقط عنه القود كشريك الخاطئ ، ولأن مشاركة الأب كمشاركة المقتول ثم ثبت أن المقتول لو شارك قاتله لسقط عنه القود ، كذلك الأب إذا شارك الأجنبي وجب أن يسقط عنه القود .
والدليل على أن شريك الأب يقتل عموم قوله تعالى
ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا [ الإسراء : 33 ] ولأنها نفس مضمونة خرجت بعمد محض ، فلم يكن سقوط القود عن أحد القاتلين موجبا لسقوطه عن الآخر ، كالعفو عن أحدهما لا يوجب سقوط القود عنهما ، ولأنه لما لم يتغير حكم الأب بمشاركة الأجنبي في وجوب القود عليه لم يتغير حكم الأجنبي بمشاركة الأب في سقوط القود عنه .
فأما الجواب عن قياسه على الخاطئ فهو أن سقوطه عن الخاطئ لمعنى في فعله ، وقد امتزج الفعلان في السراية فلم يتميزا ، وسقوطه عن الأب لمعنى في نفسه وقد تميز القاتلان فلم يستويا ، وجمعه بين شركة الأب وشركة المقتول ففيه قولان :
أحدهما : أن شريك المقتول يقتل ، فعلى هذا يسقط الاستدلال .
[ ص: 130 ] والقول الثاني : وهو الأصح لا يقتل ، وإن قتل شريك الأب ، لأن شركة المقتول إبراء وليست شركة الأب إبراء .