فصل : فأما كلام
المزني فيشتمل على فصلين :
أحدهما : ما حكاه عن
الشافعي في مناظرته
لمحمد بن الحسن في
شريك الصبي ، لم أسقط عنه القود : فقال
محمد بن الحسن لأن القلم عنه مرفوع ، فأجابه
الشافعي [ ص: 132 ] بأن شريك الأب لا قود عليه عندك ، وليس القلم مرفوعا عن الأب ، فأبطل عليه تعليله بارتفاع القلم .
قال أصحاب
أبي حنيفة : لا يلزم
محمد بن الحسن هذه المناقضة ، لأنها نقيض العكس دون الطرد ، والنقيض إنما يلزم في الطرد بأن توجد العلة ولا حكم ، ولا يلزم في العكس بأن يوجد الحكم ولا علة ، فعنه جوابان :
أحدهما : أن من مذهبهم نقض العلة بطردها وعكسها ، فألزمهم
الشافعي على مذهبهم .
والجواب الثاني : أن التعليل إذا كان لعين انتقض بإيجاد العلة ولا حكم ، ولا ينتقض بإيجاد الحكم ولا علة ، وإذا كان التعليل لجنس انتقض بإيجاد العلة ولا حكم بإيجاد الحكم ولا علة ، وتعليل
محمد بن الحسن قد كان للجنس دون العين ، فصح انتقاضه بكلا الأمرين .
والفصل الثاني من كلام
المزني أن اعترض به على
الشافعي فقال قد شارك
محمد بن الحسن فيما أنكر عليه ، لأنه رفع القصاص عن الخاطئ حتى أسقط به القود عن العامد ، ورفع القصاص عن الصبي ولم يسقط به القود عن البالغ ، وهذا الاعتراض وهم من
المزني ، لأن
الشافعي حمل ذلك على اختلاف قوليه في عمد الصبي هل يكون عمدا أو خطأ ، فجعله في أحد قوليه عمدا فلم يسقط به القود عن البالغ إذا شاركه لوجود الشبهة في الفاعل دون الفعل ، بخلاف الخاطئ وإن جعل عمده في القول الثاني خطأ سقط به القود عن البالغ لوجود الشبهة في القتل دون الفاعل كالخاطئ ، فكان اعتراضه زللا ، والله أعلم بالصواب .