فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من النهي ، عن الصلاة في هذه الأوقات الخمسة ، فالمراد بالنهي بعض البلدان دون بعض ، وبعض الأيام دون بعض ، وبعض الصلوات دون بعض ، فأما تخصيص بعض البلدان
فمكة مخصوصة من سائر البلدان بجواز الصلاة فيها في سائر الأوقات المنهي عنها .
وقال
أبو حنيفة :
مكة في النهي كغيرها لعموم الأخبار المقدم ذكرها .
[ ص: 274 ] والدلالة على تخصيصها من النهي رواية أبي ذر الغفاري : أنه قال :
من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا جندب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الصلاة في الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها إلا بمكة .
وروى
جبير بن مطعم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921538يا بني عبد مناف ، من ولي منكم من أمور الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار .
فإذا ثبت تخصيص
مكة فقد اختلف أصحابنا في تخصيصها على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي بكر القفال : إنها مخصوصة بركعتي الطواف ، وجواز فعلها في جميع الأوقات دون سائر النوافل .
والوجه الثاني : وهو أصح ، وبه قال
أبو إسحاق المروزي ، وجمهور أصحابنا إنها مخصوصة بجواز فعل النوافل كلها في الأوقات المنهي عنها لعموم التخصيص ، وعلى هذين الوجهين اختلفوا في تنفل الرجل في منزله
بمكة وسائر الحرم ، فأحد الوجهين ، وهو قول
أبي بكر القفال لا يجوز . والثاني : هو قول أبي إسحاق يجوز ، فإن قيل : فما المعنى في تخصيص
مكة من سائر البلاد وتمييزها من غيرها .
قيل : حراسة الله سبحانه لها من أن يختطفها شيطان فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
وكل الله عز وجل بأطراف الحرم سبعين ألفا من الملائكة يحرسونه من الشياطين .
وأما تخصيص بعض الأيام
فيوم الجمعة عند قيام الظهيرة ، وانتصاف النهار مخصوص بجواز التنفل فيه دون باقي الأوقات الأربعة المنهي عنها : لرواية
سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة ولأن اشتغاله بالصلاة يطرد عنه النوم المفضي إلى نقض الطهارة لصلاة الجمعة .