مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه :
فإذا شجه موضحة فبرئ حلق موضعها من رأس الشاج ثم شق بحديدة قدر عرضها وطولها فإن أخذت رأس الشاج كله وبقي شيء منه أخذ منه أرشه .
قال
الماوردي : وإذا قد مضى القصاص في النفس فما دونها ضربان : طرف يقطع بطرف ، وجرح يشق بجرح .
فأما القصاص في الأطراف فقد مضى وجوبه ، وسيأتي استيفاؤه .
وأما الجراح فقدم
الشافعي فيه
شجاج الرأس وهي إحدى عشرة شجة في قول الأكثرين :
الحارصة .
والدامية .
والدامعة .
والباضعة .
والمتلاحمة .
والسمحاق .
[ ص: 150 ] والموضحة .
والهاشمة .
والمنقلة .
والمأمومة .
والدامغة .
فأما الحارصة : فهي التي تحرص جلد الرأس أي تكشطه ولا تدميه ، مأخوذ من قولهم حرص القصار الثوب : إذا شقه .
ثم تليها الدامية : وهي التي تخدش الجلد حتى يدمي ، ولا يجري .
ثم تليها الدامعة وهي التي يجري دمها كجريان الدموع .
ثم تليها الباضعة ، وهي التي تبضع اللحم أي : تشقه .
ثم تليها المتلاحمة ، وهي التي تغوص في اللحم ، وقد يسميها
أهل المدينة البازلة ، لأنها تبزل أي يشق فيها اللحم ، ويحتمل أن تكون البازلة بين الباضعة والمتلاحمة ، وهي التي يتبزل الدم منها فتكون أقوى من الدامعة ، لأن دم البازلة ما اتصل ، ودم الدامعة ما انقطع ، وهذا أشبه بالمعنى والاشتقاق ، فيصير الشجاج على هذا اثنتي عشرة شجة .
ثم تليها السمحاق وهي التي تستوعب جميع اللحم حتى تصل إلى سمحاق الرأس ، وهي جلدة رقيقة تغشى عظم الرأس ، مأخوذة من سماحيق البطن وهو الشحم الرقيق ، وغير سماحيق إذا كان رقيقا وقد يسميها
أهل المدينة الملطا ، ومنهم من جعلها بين المتلاحمة والسمحاق فيصير الشجاج ثلاث عشرة شجة .
ثم تليها الموضحة : وهي التي توضح عظم الرأس حتى يظهر .
ثم تليها الهاشمة : وهي التي تزيد على الموضحة حتى تهشم العظم : أي تكسره ، ومنهم من يجعل بين الموضحة والهاشمة شجة تسمى المفرشة ، وهي التي إذا أوضحت صدعت الرأس ولم تهشمه ، فيصير شجاج الرأس على هذا أربع عشرة شجة .
ثم تليها المنقلة : وهي التي تزيد على الهاشمة بنقل العظام من مكان إلى مكان .
ثم تليها المأمومة ، ويقال لها الآمة : وهي التي تصل إلى أم الدماغ وهي جلدة رقيقة محيطة بالدماغ .
ثم تليها الدامغة ، وهي التي خرقت غشاوة الدماغ حتى وصلت إلى مخه .
فهذه إحدى عشرة شجة في قول الأكثرين منها ستة قبل الموضحة وأربعة بعدها ، وهي أربع عشرة شجة في قول آخرين ، منها ثمانية قبل الموضحة ، وخمسة بعدها ،
[ ص: 151 ] وليس فيما قبل الموضحة قصاص ولا أرش مقدر ، وفيها حكومة على ما سنذكره فيما بعد ، وليس فيما بعد الموضحة قصاص ، وفيها أرش مقدر إلا المفرشة على قول من زادها ففي الزيادة على الموضحة منها حكومة غير مقدرة .
فأما الموضحة فيجتمع فيها القصاص إن شاء والأرش المقدر إن عدل إليه على ما سنذكره ، فصارت
الشجاج منقسمة على هذه الأقسام الثلاثة :
قسم لا قصاص فيه ولا يتقدر أرشه ، وهو ما قبل الموضحة ، ويجب فيه حكومة على ما سنذكره من حكمها .
وقسم لا يجب فيه القصاص ويتقدر أرشه وهو بعد الموضحة فيجب في الهاشمة عشر من الإبل ، وفي المنقلة خمسة عشر بعيرا ، وفي المأمومة ثلث الدية ، ثلاثة وثلاثون بعيرا وثلث ، وكذلك في الدامغة ، وكتاب
أبي العباس بن سريج يجعل الدامغة والمأمومة سواء ، ويجعلها الدامغة غير معممة وهي الثالثة التي تلي الدامية ، ولقوله وجه ، لأنها لو زادت على المأمومة لزادت على أرشها .
وقسم يجب فيه القصاص ويتقدر أرشه وهو الموضحة يجب فيها خمس من الإبل .