القول في
قضاء الوتر وركعتي الفجر
مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن فاته الوتر حتى يصلي الصبح لم يقض .
قال
ابن مسعود : الوتر فيما بين العشاء والفجر وإن فاته ركعتا الفجر حتى تقام الظهر لم يقض ، لأن
أبا هريرة قال : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح . أما إذا
نسي الوتر ، وذكرها قبل طلوع الفجر فيصليها وتكون أداء لا قضاء ، فأما إذا
نسي الوتر ، وذكرها بعد طلوع الفجر ، أو
نسي ركعتي الفجر ، ثم ذكرها بعد زوال الشمس ، فقد ذكر
المزني في هذا الموضع أنه لا يقضي ونقله في القديم ، وذكر في هذا الموضع أيضا ما يدل عمومه على القضاء بعد فوات الوقت ، واختلف أصحابنا فكان
أبو إسحاق المروزي يقول : يقضي ذلك قولا واحدا ، وأجاب عما نقله
المزني من قوله : " لا يقضى بجوابين " :
أحدهما : أن
الشافعي قصد بذلك الرد على
أبي حنيفة حيث أوجب قضاء الوتر بعد طلوع الشمس ، وإعادة الصبح وبنى ذلك على أصلين له قد تقدم الكلام عليه فيهما وهما .
الأول : إيجاب الوتر .
والثاني : إيجاب ترتيب الفوائت .
فقال
الشافعي : " لا يقضي " . يعني : واجبا ، فأما من طريق الاختيار والاستحباب ، فيقضي ولو بعد نوم ، ويكون ذلك صلاة وتر ، وركعتي فجر فهذا جواب .
[ ص: 288 ] والجواب الثاني : وهو قريب من معنى الأول : أنه لم يأمر بقضاء ذلك أمرا لازما من أجل ما روي عن
عبد الله بن مسعود أنه قال : " الوتر فيما بين العشاء والفجر " .
وما روي عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921565إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة فصرف وجوب القضاء من أجل هذا ، وأن يكون اشتغاله بالفرض أولى من قضاء ما فاته من النفل فيكون النهي على هذا الجواب متوجها إلى من ذكر ذلك عند إقامة الفرض ، فهذا قول
أبي إسحاق ، وعليه عامة أصحابنا ، وهو الصحيح .
وقال آخرون من أصحابنا : في قضاء الوتر بعد الفجر ، وركعتي الصبح بعد الزوال قولان :
أحدهما : أنها لا تقضى .
ووجهه : أنها صلاة نافلة ، فوجب أن تسقط بفوات وقتها كالكسوف ، والخسوف ، ولأن الصلاة إنما تفعل لتعلقها بالوقت ، أو لتعلقها بالذمة ، أو تبعا لفعل فريضة ، والوتر وركعتا الفجر لم يتعلقا بالوقت ، ولأن وقتيهما قد فاتا وهي غير متعلقة بالذمة ، لأن النافلة لا تتعلق بالذمة ، وليس يفعلان على طريق التبع ، لأن متبوعها قد سقط فعلم أنهما لا يفعلان .
والقول الثاني : تقضى وهو الصحيح .
ووجهه عموم قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921304من نام عن صلاة ، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فذلك وقتها ولأنها صلاة لها وقت راتب فوجب أن لا تسقط بفوات وقتها كالفرائض فعلى هذا لو
دخل المسجد وقد أقيمت صلاة الصبح ، ولم يكن قد صلى ركعتي الفجر ، قال
الشافعي : دخل مع الإمام في صلاة الصبح ، ولم يشتغل بركعتي الفجر ، فإذا أكمل فرضه ركعهما .
وقال
أبو حنيفة : يركعهما قبل فرضه ، وهذا غلط لقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921565إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة فأما إذا قيل : لا يقضي ، فهل يسقط فعلها بعد الصلاة الأخرى ، أو بدخول وقتها ؟ على وجهين :
أحدهما : بدخول الوقت ، فعلى هذا تسقط صلاة الوتر بطلوع الفجر ، وركعتا الفجر بزوال الشمس .
والثاني لا : بفعل الصلاة ، فعلى هذا يصلي الوتر بعد الفجر ، وقبل صلاة الصبح ، فإذا صلاها سقط فعل الوتر ، ويصلي ركعتي الفجر بعد الزوال ، وقبل صلاة الظهر ، وإذا صلاها سقط فعل ركعتي الفجر .