مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : ولو
كان القاتل خطأ ذميا لا يجري على عاقلته الحكم أو مسلما أقر بجناية خطأ فالدية في أموالهما والعفو باطل لأنه وصية للقاتل ولو كان لهما عاقلة لم يكن عفوا عن العاقلة إلا أن يريد بقوله عفوت عنه أرش الجناية أو ما يلزم من أرش الجناية قد عفوت ذلك عن عاقلته فيجوز ذلك لها ( قال
المزني ) رحمه الله قد أثبت أنها وصية وأنها باطلة لقاتل .
قال
الماوردي : وهذه المسألة الثالثة من مسائل حجاجه ، وهي مصورة في الذمي إذا لم تكن له عاقلة ، وفي
المسلم إذا أقر بالجناية ولم يقم بها بينة ، وهما يستويان في حكم جناية الخطأ وإن افترقا فيها من وجه آخر ، واستواؤهما فيها أن الذمي إذا كانت له عاقلة لا يجري عليهم حكمنا كانت جناية خطئه في ماله ، فلو جرى عليهم حكمنا كانت جنايته على عاقلته ،
والمسلم إذا أقر بجناية الخطأ كانت الدية في ماله ، ولو قامت بها بينة كانت على عاقلته ، فصار المسلم إذا أقر بجناية الخطأ كالذمي إذا لم يجر على عاقلته حكم في وجوب الدية عليهما في أموالهما ، فإذا كان كذلك فهما قاتلان ، فإن ردت الوصية للقاتل وجبت الدية عليهما سواء خرج العفو مخرج الوصية أو مخرج الإبراء ، وإن أجيزت الوصية للقاتل صح العفو عن جميع الدية ، وإن أجرى عليه حكم الوصية ، وإن أجرى على العفو حكم الإبراء صح فيما وجب بالجناية وبطل فيما حدث بالسراية ، وأما ما يفترق المسلم والذمي فيه من جناية الخطأ فهو أن
المسلم إذا لم تكن له عاقلة كانت جنايته في ماله لأن المسلمين أولياء المسلم دون الكافر فعقلوا عن المسلم ولم يعقلوا عن الكافر ، ولئن صار مالهما بالموت إلى بيت المال إذا لم يكن لهما وارث فحكمه مختلف ، لأن مال المسلم ينتقل إلى بيت المال ميراثا وينتقل مال الذمي إليه فيئا ، وفيما أوردناه من شرح المذهب في هذه المسائل الثلاث التي احتج بها
المزني ما يزول به احتجاج وهمه ، وبالله التوفيق .