مسألة : قال
المزني رضي الله عنه : واحتج
الشافعي بعمر بن الخطاب وعطاء رضي الله عنهما أنهما قالا في تغليظ الإبل أربعون خلفة وثلاثون حقة وثلاثون
[ ص: 213 ] جذعة . قال
الشافعي ، رحمه الله : والخلفة الحامل وقل ما تحمل إلا ثنية فصاعدا فأية ناقة من إبل العاقلة حملت فهي خلفة تجزئ في الدية ما لم تكن معيبة .
قال
الماوردي :
تغليظ الدية في الإبل يكون بزيادة السن والصفة مع اتفاق القدر ، وتغليظها في الدراهم والدنانير يكون بزيادة العين مع اتفاق الصفة .
فأما الدية من الإبل فهي مائة بعير لا يختلف قدرها بالتغليظ والتخفيف ، واختلف في تغليظها بالسن والصفة فذهب
الشافعي إلى أنها أثلاث : ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة ، والخلفات الحوامل التي في بطونها أولادها ، وهل ما تحمل إلا ثنية .
وهو في الصحابة قول :
عمر ،
وعثمان ،
وعلي ،
وزيد ،
وابن عباس ،
والمغيرة .
وفي التابعين قول
عطاء ،
ومجاهد ،
وسعيد بن المسيب ،
والقاسم بن محمد ،
وعروة بن الزبير .
وفي الفقهاء قول
مالك ،
وربيعة بن عبد الرحمن ، وأهل الحرمين ،
ومحمد بن الحسن .
وقال
أبو حنيفة : تغليظها أن تكون أرباعا خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، ولم يوجب الخلفات ، فخالف في السن والصفة . وبه قال
سفيان الثوري وأبو يوسف ، استدلالا بأن بدل النفس لا يستحق فيه الحوامل كالخطأ ، لأن الحوامل لا تستحق في الزكاة فلم تستحق في الدية كالزائد على الثنايا ، ولأن الحمل صفة مجهولة فلم يستحق ثبوتها في الذمة كالمسعر .
ودليلنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924464ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها .
وقد روي أنه قال على درج
الكعبة ليعم بيانه فلم يجز خلافه ولا دفعه بالتأول .
فإن قيل : فإذا عولتم على هذا النص في الخلفات الأربعين فبأي دليل أوجبتم ثلاثين حقة وثلاثين جذعة ؟
قيل : لأمرين :
أحدهما : قول
عمر ومن تابعه من الصحابة والتابعين .
والثاني : أنه لما نص على الخلفات لتغليظها علم أن الباقي دونها ودون الثنايا هي الجذاع ، ودون الجذاع الحقاق ، فلم يقتصر بالباقي على سن واحدة ، لأنه خلاف للإجماع ، فجعلناه من سنين متواليين ، فلذلك أوجبنا ثلاثين جذعة ، وثلاثين حقة على أنه قد روى
محمد بن راشد عن
سليمان بن موسى عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن
[ ص: 214 ] جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924465من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة وما صولحوا عليه فهو لهم ولأنه لما كان تغليظ الدية ضد تخفيفها اقتضى أن يكون أدنى ما في المغلظة من الأسنان هو أعلى أسنان المخففة لأجل العلتين ، فوجب بأن يكون المستحق فيها الجذاع والحقاق دون بنات لبون وبنات مخاض ، وهذا يمنع من قياسهم على الخطأ ، ويمنع قياسهم على الزكاة أنه لما وجب في الدية الثنايا وإن لم تجب في الزكاة ، وما ذكروه من الجهل بالحمل فغير صحيح ، لأن للحمل أمارات تدل عليه له أحكام تتوجه إليه ولا يمتنع أن يثبت في الذمة منها ما يثبت فيها من غير الدية كما ثبت فيها الجذاع والثنايا كالمطلقة من غير نعت ولا صفة .