الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : إذا ثبت وجوب الدية بذهاب العقل فإنما يستحق في العقل الغريزي الذي يتعلق به التكليف ، وهو العلم بالمدركات الضرورية ، فأما العقل المكتسب الذي هو حسن التقدير وإصابة التدبير ومعرفة حقائق الأمور فلا دية فيه مع بقاء العقل الغريزي ، وفيه حكومة ، لما أحدث من الدهش بعد التيقظ ، والاسترسال بعد التحفظ ، والغفلة بعد الفطنة يعتبر بحكومته ، قدر ما حدث من ضرره ، ولا يبلغ به كمال الدية ، لأنه تابع للعقل الغريزي ، ولا يتبعض العقل الغريزي في ذاته ، لأنه محدود بما لا يتجزأ فلا يصح أن يذهب بعضه ويبقى بعضه ، ولكن قد يتبعض زمانه فيعقل يوما ويجن يوما ، فإن تبعض زمانه بالجناية فكان يوما ويوما لزم الجاني عليه نصف الدية ، وإن كان يعقل في يوم ويجن في يومين لزمه ثلثا ديته .

التالي السابق


الخدمات العلمية