الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا قلع سنا قد حصل فيها شق أو ثقب أو أكلة ، فإن لم يذهب من أجزائها بذلك شيء فعليه جميع ديتها ، كاليد المريضة إذا قطعها وإن ذهب بالثقب والتآكل بعض أجزائها أسقط من دية السن قدر الذاهب منها ، ولزمه باقي ديتها ، وإن كانت أسنانه قد تصدعت وتحركت حتى ربطها بالذهب أو لم يربطها فقلعها الجاني نظر فإن كانت منافعها باقية مع حركتها في المضع وحفظ الطعام والريق ففيها الدية تامة ، وإن ذهبت منافعها كلها ففيها حكومة ، وإن نقصت منافعها فذهب بعضها وبقي بعضها ففيها قولان نص عليهما في كتاب " الأم " :

أحدهما : فيها الدية تامة ، لأن منافع الأسنان مختلفة بالزيادة والنقصان .

والقول الثاني : فيها حكومة ، لقصورها عما اختص بها من منافعها .

وجهل قدر الناقص يوجب فيها حكومة .

فإن اختلفا فادعى الجاني ذهاب منافعها وادعى المجني عليه بقاءها فالقول قول المجني عليه مع يمينه ، لأن بقاء منافعها لا يعلم إلا من جهته ، وله ديتها تامة ، ولو كانت السن كاملة المنافع فجنى عليها حتى تصدعت وتحركت وهي باقية في موضعها نظر فإن ذهب بالجناية جميع منافعها حتى صار لا يقدر على المضغ بها ففيها ديتها تامة ، وإن ذهب منها نصف منافعها ففيها قولان :

أحدهما : عليه ديتها تامة ، لأنه قد يكون المسلوب من منافعها مساويا لمنافع غيرها .

والقول الثاني : فيها حكومة ، لأن منفعة كل شيء معتبرة بها ، ولو قيل بوجه ثالث : إنه إن أذهب أكثر منافعها كملت ديتها ، وإن ذهب أقلها ففيها حكومة اعتبارا بالأغلب كان له وجه ، فإن اختلفا فالقول قول المجني عليه مع يمينه ، لأن ذهاب منافعها لا يعلم إلا من جهته .

التالي السابق


الخدمات العلمية