الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : والضرس سن وإن سمي ضرسا كما أن الثنية سن وإن سميت ثنية وكما أن اسم الإبهام غير اسم الخنصر وكلاهما إصبع وعقل كل إصبع سواء .

قال الماوردي : وهذا كما قال ، ديات الأسنان متساوية مع اختلاف أسمائها ومنافعها ، وفي كل سن منها خمس من الإبل ، تستوي فيه الثنية والضرس والناب والناجز ، وحكي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه جعل فيما ظهر من أسنان الفم بالكلام والأكل خمسا من الإبل في كل سن ، وجعل فيما غاب من الأضراس بعيرين في كل ضرس ، وقيل بعيرا ، لأن مقاديم الأسنان تشارك مواخيرها في المنفعة وتختص بالجمال ، فيفضل بين دياتها ، واختلف عنه في مفاضلة ديات الأصابع ، فروي عنه أنه فاضل بينهما كالأسنان ، وروي أنه سوى بينهما وإن فاضل بين الأسنان ، واختلف عنه هل رجع عن هذا التفاضل أم لا ؟ فحكى قوم أنه رجع عنه ، وحكى آخرون أنه لم يرجع ، وقد أخذ بما قاله عمر - رضي الله عنه - قوم من شواذ الفقهاء لقضائه بذلك في إمامته وهذا فاسد من وجهين :

أحدهما : عموم النص من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل سن خمس من الإبل وهو اسم يعم كل سن ، ولأن اختلاف المنافع غير معتبر فيما تقدرت دياته من وجهين :

أحدهما : أن منافع الميامن من الأعضاء أكثر من منافع مياسرها مع تساوي دياتها .

والثاني : أن منافعها تختلف بالصغر والكبر ، والقوة والضعف ، ودياتها مع اختلاف منافعها سواء ، كذلك الأسنان ، وعلى أن لكل سن منفعة ليست لغيره فلم تقم منفعة الثنية مقام منفعة الضرس .

التالي السابق


الخدمات العلمية