فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من حكم
الإفضاء فلا يخلو من أن يكون بوطء أو بغير وطء ، فإن كان بغير وطء وهو نادر لم يخل من أن يندمل أو لا يندمل ، فإن اندمل ففيه حكومة ، وإن لم يندمل ففيه الدية ، فإن اقترن به استرسال البول ففيه مع الدية حكومة ، فإن اقترن بالإفضاء ذهاب العذرة من البكر وجب فيه مع دية الإفضاء حكومة العذرة على غير الزوج ولم يجب فيه على الزوج حكومة ، لأنه مستحق لإزالتها باستمتاعه فاستوى الزوج وغيره في دية الإفضاء وحكومة استرسال البول ، ولم يكن لهذا الإفضاء تأثير في وجوب المهر على الأجنبي ، ولا في كماله على الزوج ، لخلوه من وطء وإن
[ ص: 295 ] كان هذا الإفضاء بوطء وهو الأغلب لم يخل حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون من زوج في نكاح .
والثاني : أن يكون من وطء شبهة .
والثالث : أن يكون من زنا .
فأما القسم الأول وهو أن يكون من زوج في عقد نكاح فعليه دية الإفضاء وكمال المهر ، وقال
أبو حنيفة : إفضاؤها غير مضمون على الزوج ، وليس عليه أكثر المهر ، استدلالا بأن ما استبيح من الوطء لم يضمن به ما حدث من استهلاك كزوال العذرة ، ولأن الفعل المباح لا تضمن سرايته كالقطع في السرقة .
ودليلنا : هو أنها جناية قد يتجرد الوطء عنها فلم يدخل أرشها في حكمه كالوطء بشبهة لا يسقط بالمهر فيه دية الإفضاء ، ولأنهما حقان مختلفان وجبا بسببين مختلفين ، لأنه مهر مستحق بالتقاء الختانين ودية مستحقة بالإفضاء فجاز اجتماعهما كالجزاء والقيمة في قتل العبد المملوك ، ولأن الجنايات إذا ضمنها غير الزوج ضمنها الزوج كقطع الأعضاء ، ولا يدخل عليه العذرة ، لأنها من الزوج مستحقة ، وبهذا فرقنا بينهما ، وأما استدلاله بحدوث سرايته عن فعل مباح فليس ما أدى إلى الإفضاء مباحا ، وجرى مجرى ضرب الزوجة يستباح منه ما لم يؤد إلى التلف ولا يستباح ما أدى إليه ، وهو يضمن في الضرب ما أدى إلى التلف فوجب أن يضمن بالوطء ما أدى إلى الإفضاء .