فصل : فأما
الأنثيان وهما الخصيتان ففيهما الدية ، لأنهما من تمام الخلقة وهما محل التناسل ، لانعقاد مني الصلب في يسراهما إذا نزل إليها فصار لقاحا فيهما ، ولأن الحياة محلهما ، ولذلك كان عصر الأنثيين مفضيا إلى التلف ، ولا فرق في الأنثيين بين قطعهما من كبير أو صغير ، عنين وغير عنين ، سواء كان باقي الذكر أو مجبوبا ، لأن جب الذكر نقص في غيره ، وأوجب
مالك في أنثيي المجبوب الذكر حكومة ، لأن جب الذكر قد أثر في نقص الأنثيين بعدم النسل ، وهذا فاسد بما قدمناه من أنه نقص في غيره فلم يؤثر فيه مع سلامته ، وفي إحدى الأنثيين نصف الدية ، ولا فضل ليسرى على يمنى .
وحكي عن
سعيد بن المسيب أنه أوجب في البيضة اليسرى ثلثي الدية ، وفي اليمنى ثلثها ، لأن محل المني في اليسرى ، ومحل الشعر في اليمنى ، وهذا قول فاسد ، لأن كل عضوين كملت فيهما الدية تنصفت في كل واحد منهما على سواء ، وإن اختلفت منافعهما كاليدين ، وعلى أن ما ذكره من لقاح اليسرى مظنون بما ذكره الطب .
[ ص: 299 ] وقد حكي عن
عمرو بن شعيب أنه قال : عجبت من يفضل البيضة اليسرى على اليمنى : لأن النسل منها ، كان لنا غنم فخصيناها من الجانب الأيسر فكن يلقحن .
فإن
قطع الذكر مع الأنثيين لزمه ديتان إحداهما في الذكر والأخرى في الأنثيين سواء قطعهما معا أو قطع إحداهما بعد الأخرى ، سواء قدم قطع الذكر أو قطع الأنثيين .
وقال
مالك : إن قطعهما معا ففيه الدية وحكومة ، وإن قطع الذكر ثم الأنثيين وجب دية في الأنثيين وحكومة في الذكر .
وقال
أبو حنيفة : إن قطعهما معا أو قطع الذكر ثم الأنثيين فعليه ديتان كما قلنا ، وإن قطع الأنثيين أولا ثم الذكر فعليه دية في الأنثيين وحكومة في الذكر كما قال
مالك .
وهذا خطأ : لأن كل ما كملت فيه الدية إذا انفرد لم تنقص ديته إذا اقترن بغيره كاليدين مع الرجلين ، أو قطع الأذنين مع ذهاب السمع .
وعلى قول
أبي حنيفة : إن كل عضوين كملت ديتاهما إذا اجتمعا كملت ديتاهما إذا افترقا كما لو قدم قطع الذكر ، وهكذا لو وجأ ذكره حتى استحشف ووجأ أنثييه حتى استحشفتا وجب في كل واحد منهما دية كاملة ، لأنه قد أذهبت منافعهما بالاستحشاف والشلل .