مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : ولا اختلاف بين أحد علمته في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بها في ثلاث سنين .
قال
الماوردي : ذهب قوم إلى أن
العاقلة تتحمل الدية حالة يؤدونها معجلة كديات العمد وقيم المتلفات .
وحكي عن
ربيعة بن أبي ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنها مؤجلة في خمس سنين ، لأن دية الخطأ أخماس ، وهو مذهب
الشافعي وأبي حنيفة ومالك ، وما عليه الجمهور أنها مؤجلة في ثلاث سنين .
قال
الشافعي : لا اختلاف بين أحد علمته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بها في ثلاث سنين فأضافه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعل نقله كالإجماع ، فاختلف أصحابنا فيما أراده
الشافعي بهذا القضاء ، لأن أصحاب الحديث اعترضوا على
الشافعي فيه وقالوا : ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا شيء فكيف قال هذا .
وقال
ابن المنذر : لا أعرف هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وسئل
أحمد بن حنبل عن هذا فقال : لا أعرف فيه شيئا ، فقيل له : إن
أبا عبد الله قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لعل
أبا عبد الله سمعه من ذلك المدني فإنه كان حسن الظن فيه يعني
إبراهيم بن يحيى الهجري . ولأصحابنا عنه جوابان :
أحدهما : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة وطائفة أن مراد
الشافعي بقضائه
تأجيل الدية في ثلاث سنين ، وأنه مروي لكنه مرسل ، فلذلك لم يذكر إسناده .
[ ص: 344 ] والثاني : أن مراده القضاء بأصل الدية وهو متفق عليه .
فأما تأجيلها في ثلاث سنين فهو مروي عن الصحابة ، روي عن
عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما جعلا دية الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين ، ولأن العاقلة تتحمل دية الخطأ مواساة ، وما كان طريق المواساة كان الأجل فيه معتبرا كالزكاة ، ولما خرجت عن عرف الزكاة في القدر زاد حكمها في الأجل ، فاعتبر في عدد السنين أكثر القليل وأقل الكثير فكان ثلاث سنين ، وبهذا خالف العبد وقيم المتلفات ، لأنه لا مواساة فيهما ، ولا اعتبار بما قاله ربيعة أنها مؤجلة في خمس سنين ، لأن دية الخطأ أخماس ، لأن عمد الخطأ أثلاث والأجل فيهما سواء .