مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : وإذا حكمنا على أهل العقد ألزمنا عواقلهم الذين تجري أحكامنا عليهم فإن كانوا أهل حرب لا يجري حكمنا عليهم ألزمنا
[ ص: 369 ] الجاني ذلك ولا يقضى على أهل دينه إذا لم يكونوا عصبة لأنهم لا يرثونه ولا على المسلمين لقطع الولاية بينهم وأنهم لا يأخذون ماله على الميراث إنما يأخذونه فيئا .
قال
الماوردي : إذا
جنى الذمي في دار الإسلام جناية خطأ فله حالتان :
أحدهما : أن تكون له عاقلة من مناسبيه .
والثاني : أن لا يكون له عاقلة مناسبون ، فإن كان له عاقلة من ذوي نسبه لم يخل حالهم من أحد أمرين : إما أن يكونوا مسلمين أو غير مسلمين ، فإن كانوا مسلمين لم يعقلوا عنه كما لم يرثوه ، لأن اختلاف الدين قاطع للموالاة بينهم ، وإن كانوا كفارا غير مسلمين فسواء اتفقت أديانهم فكان القاتل وعاقلته يهودا كلهم أو اختلفت أديانهم فكان القاتل يهوديا وعاقلته
نصارى : لأن الكفر كله ملة واحدة ، ولا يخلو حالهم من أحد أمرين :
إما أن تجري عليهم أحكامنا أو لا تجري عليهم ، فإن لم تجر عليهم أحكامنا لمقامهم في دار الحرب كان الجاني كمن لا عاقلة له على ما سنذكره لانقطاع الموالاة بين أهل الذمة وأهل الحرب ، واختلافهم في التناصر ، وظهور ما بينهم من التقاطع والتدابر ، ولهذا المعنى لم يتوارثوا ، فكذلك لأجله لم يعقلوا ، وإن جرت أحكامنا على عاقلة لكونهم من أهل ذمة حكمنا عليهم بالعقل .
وقال
أبو حنيفة : لا يعقلون عنه إن شاركوه في النسب ووافقوه في الذمية احتجاجا بأنهم مقهورون بالذمة ولا يتناصرون فيها فبطل التعاقل بينهم لذهاب التناصر منهم ، وهذا خطأ لأن ثبوت الأنساب التي يتوارثون بها توجب تحمل العقل بها كالمسلمين وهم لا يتناصرون على الباطل ويتناصرون على الحق كذلك المسلمون .