فصل :
وإن
نكل المدعى عليهم عن الأيمان أغرموا الدية ولم يحبسوا .
وقال
أبو حنيفة : يحبسون حتى يحلفوا ، ثم يغرمون استدلالا بأن الأيمان في القسامة هي نفس الحق ، فوجب أن يحبسوا عليه كما يحبسون على سائر الحقوق ، وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أن الأيمان في الشرع موضوعة للتغليظ والزجر ، حتى لا يقدم على كذب في دعوى ولا إنكار ، فإذا امتنع منها فقد انزجر بها ، فلم يجز أن يحبس عليها ليكره على أيمان ، ربما اعتقد كذبه فيها ، فيصير محمولا على الكذب والحنث .
[ ص: 26 ] والثاني : أن نكوله في غير القسامة لما لم يوجب حبسه لنفي الإجبار عن الأيمان ، فنكوله في القسامة أولى : لأن الأيمان فيها أكثر والتغليظ فيها أشد . وقوله : " إن الأيمان هي نفس الحق " ، فليس صحيحا : لأن الأيمان لقطع الخصومة وإسقاط الدعاوى ، ولو كانت نفس الحق لما جاز أن يقبل منهم الدية إذا اعترفوا ، وحكمهم في الاعتراف أغلظ من الجحود .