[ ص: 56 ] باب
دعوى الدم في الموضع الذي فيه قسامة
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإذا وجد قتيل في محلة قوم يخالطهم غيرهم أو في صحراء أو مسجد أو سوق فلا قسامة " .
قال
الماوردي : قد ذكرنا أن
وجود القتيل في محلة لا يوجب القسامة على أهلها ، أو بعضهم إلا بشرطين :
أحدهما : أن تكون مختصة بأهلها ، مثل
خيبر لا يختلط بهم غيرهم ولا يشركهم فيها سواهم . فيجوز أن يقسم على من ادعى عليه قتله منهم ، سواء قلوا أو كثروا ، إذا أمكن أن يشتركوا في قتل الواحد ، فإن لم يمكن أن يشتركوا فيه منع من القسامة على جميعهم .
وقيل له : خص بالدعوى من شئت منهم ، ثم أقسم . فأما إن كانت المحلة مشتركة بين أهلها وغيرهم ، تطرقها المارة وتدخلها السابلة ، فلا قسامة فيها على أحد من أهلها ، ولا من غير أهلها .
فلو كانت قرية يدخلها غير أهلها عند ورود القوافل ، ولا يدخلها غيرهم إذا انقطعت القوافل عنهم ، جازت القسامة عليهم عند انقطاع القوافل ، ولم تجب القسامة مع ورود القوافل ، فهذا شرط .
والشرط الثاني : ظهور العداوة بين القتيل وأهل المحلة أو القرية ، أو ظهور العداوة بين أهل القتيل وأهل القرية ، فتجوز القسامة مع ظهور العداوة ، ولا تجوز مع ارتفاع العداوة . فإن اصطلحوا بعد العداوة ، ثم وجد القتيل فيهم ، نظر حال الصلح ، فإن تظاهروا بالحسنى بعد الصلح فلا قسامة ، وإن لم يتظاهروا بالصلح أقسم . كالشاهد إذا صالح عدوه ، ثم شهد عليه قبلت شهادته بعد الصلح إذا رأى ما بينهما حسنا ، ولا تقبل إن لم ير ما بينهما حسنا .