فصل :
فإذا ثبت ما ذكرنا وسمعت الدعوى على ما وصفنا ، وكانت على جماعة ، ففي
قدر ما يلزمهم من الأيمان ثلاثة أقاويل ذكرناها :
أحدها : يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا ، ولو كانوا ألفا .
والقول الثاني : يحلف جميعهم خمسين يمينا ، تقسط على أعدادهم .
والثالث : يحلف كل واحد منهم يمينا واحدة ، ولو كان واحدا . وقد مضى توجيه هذه الأقاويل . فإن قيل : فإذا جعل
الشافعي إمكان اشتراكهم في القتل شرط سماع الدعوى عليهم ، فكيف قال : يحلفون ، ولو كانوا ألفا ، لا يصح اشتراك الألف في قتل
[ ص: 58 ] الواحد . قيل : لأن العدد الذي يمكن اشتراكه في القتل يختلف حسب اختلاف القتل ، فإن كان ذبحا أو قطعا أو بضرب العنق ، لم يمكن أن يشترك فيه ألف ولا مائة ولا خمسون .
وإن كان بجراح أمكن أن يشترك فيه مائة ومائتان ، وإن كان بالعصا أمكن أن يشترك فيه ألف ، فيضربه كل واحد منهم عصا ، وكذلك لو رموه بالبندق أمكن أن يشترك فيه ألف فيرميه كل واحد منهم ببندقة ، فإن حمل كلام
الشافعي على هذا كان ممكنا ، وإن حمل على غيره كان مبالغة .