فصل :
فإذا ثبت وجود
الكفارة على كل قاتل بغير حق من عمد أو خطأ في كل مقتول من مسلم أو كافر ، حر أو عبد ، فقد نص الله تعالى فيها على العتق والصيام ، فقال :
وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين [ النساء : 92 ] ، فقدم عتق الرقبة ، وشرط فيها الإيمان ،
فلا يجزئ إلا عتق رقبة مؤمنة ، سواء كان المقتول مؤمنا أو كافرا : لأنه شرط إيمانها في عتقها عن قتل الكافر ، فكان إيمانها في عتقها عن قتل المؤمن أولى . فإن لم يجد الرقبة فاضلة عن كفايته على الأبد ، سقط عنه التكفير بالعتق ، وكفر بصيام شهرين متتابعين ، وهو نص القرآن . فإن عجز عن الصيام ففيه قولان :
[ ص: 69 ] أحدهما : يعدل إلى الإطعام فيطعم ستين مسكينا : لأن الله تعالى نص عليه من كفارة الظهار ، وأطلق ذكره في كفارة القتل ، فوجب أن يحمل إطلاقه في كفارة القتل على تقيده في كفارة الظهار : لأن المطلق محمول على المقيد من جنسه .
والقول الثاني : أنه لا إطعام فيها ، وتكون الكفارة بأحد الأمرين باقية في ذمته إلى أن يقدر عليها : لأن الإبدال في الكفارات موقوفة على النص دون القياس ، ولا يجوز حمل مطلقها على المقيد إلا في الوصف دون الأصل ، كما حمل إطلاق اليد في التيمم على تقيدها بالمرافق في الوضوء : لأنه حمل مطلق على مقيد في وصف ، ولم يحمل إغفال ذكر الرأس والرجلين في التيمم على ما قيد من ذكرهما في الوضوء : لأنه حمل مطلق على مقيد في أصل . كذلك في الكفارة حملنا إطلاق العتق في كفارة الظهار على تقيده بالأيمان من كفارة القتل ؛ لأنه حمل مطلق على مقيد في وصف . ولم يحمل إغفال الإطعام في كفارة القتل على ذكره في كفارة الظهار : لأنه حمل مطلق على مقيد في أصل ، والله أعلم بالصواب .