[ ص: 73 ] باب الشهادة على الجناية .
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : "
ولا يقبل في القتل وجراح العمد والحدود سوى الزنا ، إلا عدلان "
قال
الماوردي : أما الشهادة فتنقسم على أقسام - موضع استيفائها ، كتاب الشهادات - ونحن نذكر في هذا الموضع ما اختص به من الشهادة في الجنايات . والجنايات ضربان : عمد يوجب القصاص ، وخطأ يوجب المال ، فأما العمد الموجب للقصاص فلا تثبت البينة فيه إلا بشاهدين ، ولا يثبت بشاهد وامرأتين ، كالحدود ، وسواء كان في نفس أو فيما دون النفس .
وقال
الحسن البصري :
لا يقبل في النفس إلا أربعة شهود كالزنى : لأنها إماتة نفس ، ويقبل فيما دونها شاهدان ، كالحدود . وقال
مالك : يقبل فيما قل من الجراح شاهد وامرأتان ، ولا يقبل فيما كثر إلا شاهدان : لخفة القليل وتغليظ الكثير ، وكلا القولين خطأ . والدليل عليهما أن الله تعالى نص في كتابه على ثلاث شهادات ، خالف بين أحكامها وجعلها أصولا لما أغفله : ليكون المغفل فرعا ملحقا بأصله فيها ، فنص على أربعة شهود في الزنى ، ونص على شاهدين في الطلاق والرجعة ، ونص على شاهد وامرأتين في الأموال ، وأغفل الشهادة في الجنايات فصارت فرعا لإحداها ، فلم يجز أن تحمل على الزنى : لأنه لما لم تحمل عليه فيما دون النفس ، لم تحمل عليه في النفس ، لوجوب تساويهما ، كما استوى حكم الزنى في ما أوجب الرجم وما أوجب الجلد ، فبطل به قول
الحسن . ولم يجز أن يحمل على الأموال : لأنه لما لم يحمل عليها فيما كثر لم تحمل عليها فيما قل : لاستواء حكم الأموال فيما قل وكثر ، فبطل بهذا قول مالك . فلم يبق إلا الأصل الثالث وهو الشاهدان في الطلاق والرجعة فيما كثر وقل ، والله أعلم .