فصل :
فإذا ثبت أنه يقدم قبل قتالهم سؤالهم عن سبب بغيهم واعتزالهم عن الجماعة ، ثم مناظرتهم في حل ما اشتبه عليهم ، فمتى أمل رجوعهم إلى الطاعة ودخولهم في الجماعة بالقول والمناظرة لم يتجاوزه إلى القتال ، وإن يئس من رجوعهم بعد كشف ما اشتبه عليهم ، جاز لإمام أهل العدل حينئذ قتالهم ومحاربتهم ، وانقسمت أحوالهم في قتالهم ثلاثة أقسام :
أحدها : ما كان قتالهم عليه واجبا .
والثاني : ما كان قتالهم عليه مباحا .
والثالث : ما اختلف القول في وجوبه وإباحته .
فأما ما وجب قتالهم عليه : فهو بواحد من خمسة أمور :
أحدها : أن
يتعرضوا لحريم أهل العدل بإفساد سبيلهم .
والثاني : أن
يتعطل جهاد المشركين بهم .
والثالث : أن
يأخذوا من حقوق بيت المال ما ليس لهم .
والرابع : أن
يمتنعوا من دفع ما وجب عليهم .
والخامس : أن
يتظاهروا على خلع الإمام الذي قد انعقدت بيعته ولزمت طاعته .
[ ص: 105 ] روى
عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924589من خلع يده من طاعة الإمام جاء يوم القيامة لا حجة له عند الله ، ومن مات وليس في عنقه بيعة ، مات ميتة جاهلية .
وأما ما أبيح قتالهم عليه وإن لم يجب : فهو أن
ينفردوا عن الجماعة ولا يمتنعوا من حق ، ولا يتعدوا إلى ما ليس لهم بحق ، فيجوز للإمام قتالهم لتفريق الجماعة ، ولا يجب عليه قتالهم لتظاهرهم بالطاعة .
روى
أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924590من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات فميتته جاهلية
. وأما ما اختلف القول في وجوب قتالهم وإباحته : فهو إذا
امتنعوا مع انفرادهم من دفع زكاة أموالهم الظاهرة ، وقاموا بتفرقتها في أهل السهمين منهم ففيه قولان : أحدهما : وهو قياس قول
الشافعي في القديم : إن قتالهم عليها واجب ، إذا قيل فيها بوجوب دفعها إلى الإمام . والقول الثاني : وهو قياس قوله في الجديد : إن قتالهم عليها مباح ، وليس بواجب إذا قيل فيه : إن دفعها إلى الإمام مستحب وليس بواجب . والله أعلم .