الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل :

فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قيل بالأول : إن الضمان واجب ، ضمنت الأموال بالغرم ، فأما النفوس فإن كانت خطأ أو عمد الخطأ ضمنت عاقلة القاتل الدية دون القاتل .

وإن كانت عمدا محضا ففي ضمانها بالقود وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : تضمن بالقود : لأنها تضمن في الحرب كما تضمن في غيره .

والوجه الثاني : أنها تضمن بالدية دون القود : لأنها حال شبهة تدرأ بها الحدود ، وتكون الدية في مال القاتل .

وإن قيل بالقول الثاني : في سقوط الضمان ، سقط ضمان ما تلف من الأموال ، ووجب رد ما بقي منها .

فأما إن أتلف عليهم بغير قتال ، نظر حال متلفه :

فإن قصد بما أتلفه منها إضعافهم وهزيمتهم لم يضمنها .

وإن قصد به التشفي والانتقام ضمنها ، وصارت كالمستهلك عليهم في غير القتال .

وأما النفوس : فمن قتل في القتال لم يضمن في عمد ولا خطأ بقود ولا دية ، وفي ضمانه بالكفارة وجهان محتملان :

أحدهما : وهو الأصح ، أنه غير مضمون بالكفارة ، كما كان غير مضمون بقود ولا دية .

والوجه الثاني : أنه يضمن بالكفارة : لأنها من حقوق الله تعالى فتأكدت على حقوق الآدميين ، وكما يضمن نفس المسلم في دار الحرب بالكفارة دون الدية .

ومن قتل منهم وهو معتزل عن صفوف الحرب :

فإن كان ردءا لهم وعونا : سقط ضمان نفسه كالمقاتلة .

وإن لم يكن ردءا ولا عونا : خرج عن حكم المقاتلة وضمنت نفسه بالدية ، وفي ضمانها بالقود وجهان على ما مضى .

التالي السابق


الخدمات العلمية