مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو استعان أهل البغي بأهل الحرب على قتال أهل العدل ، قتل أهل الحرب ، وسبوا ، ولا يكون هذا أمانا إلا على الكف ، فأما على قتال أهل العدل " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، إذا
استعان أهل البغي على قتالنا بأهل الحرب بأمان أعطوهم ، نظر حال الأمان ، فإنه لا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون مطلقا ، أو مشروطا بقتالنا .
فإن كان مطلقا : صح الأمان لهم ، وكان عقد أهل البغي لهم كعقد أهل العدل : لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924403المسلمون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم .
[ ص: 125 ] ويصيرون بهذا الأمان آمنين من أهل البغي وأهل العدل : لعمومه وصحته ، ما لم يقاتلونا . فإن قاتلونا صاروا كأهل العهد المتقدم إذا قاتلوا على ما سنذكره .
وإن كان عقد الأمان لهم مشروطا بقتالهم معهم ، كان هذا الأمان باطلا : لأمرين :
أحدهما : أنه لما بطل عقد الأمان لهم بقتالنا ، لم يجز أن ينعقد على قتالنا .
والثاني : أن عقد الأمان يقتضي أن نؤمنهم ونأمنهم ، فلم يجز أن نؤمنهم ولا نأمنهم . وإذا بطل الأمان بما ذكرنا سقط حكمه في أهل العدل ، ولزم حكمه في أهل البغي اعتبارا بالشرط في حقهم ، وإن بطل في حق غيرهم . وجاز لأهل العدل قتلهم واسترقاقهم وسبيهم ، وقتلهم مقبلين ومدبرين ، كما يقتلون ويقاتلون في جهادهم مقبلين ومدبرين .
ولم يجز لأهل البغي قتلهم ولا استرقاقهم ، وإن حكمنا ببطلان أمانهم للزومه في الخصوص وإن بطل في العموم .