مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " فلو كان لهم أمان فقاتلوا أهل العدل ، كان نقضا لأمانهم " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح . إذا
كان لطائفة من المشركين عهد بأمان متقدم ، فاستعان بهم أهل البغي على قتالنا ، كان ذلك نقضا لأمانهم إذا قاتلونا : لقول الله تعالى :
وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء [ الأنفال : 58 ] .
فلما جاز أن ينبذ إليهم عهدهم بنقضه إذا خفناهم ، كان أولى أن ينقض بقتالهم .
ولأن إعطاء العهد لهم إنما كان لمصلحتنا لا لمصلحتهم ، وكذلك إذا سألوا العهد لم يلزم إجابتهم إليه ، إلا إذا رأى الإمام في ذلك حظا للمسلمين ، فيجوز أن يعاهدهم ، فإذا قاتلوا زالت المصلحة فبطل العهد عموما ، وإن كان في أهل البغي خصوصا .
وجاز لنا قتلهم وسبيهم ، وقتالهم مقبلين ومدبرين .
فإن أسلموا : لم يؤخذوا بما استهلكوا من دم ولا مال كغيرهم من أهل الحرب ، وبخلاف أهل البغي .
فإن قالوا : لم نعلم أن قتالنا معهم مبطل لعهدنا معكم .
لم يقبل منهم في بقاء العهد معهم : لأن الأمان هو الكف والموادعة ، فضعف ما ادعوه من الجهالة .
[ ص: 126 ] فإن ادعوا الإكراه : كلفوا البينة ، فإن أقاموا على إكراه أهل البغي لهم على قتالنا بينة ، كانوا على عهدهم .
وإن لم يقيموها ، لم تقبل دعواهم ، وانتقض عهدهم : لأن أصل الفعل حدوثه عن اختيار فاعله .