مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولا يرد من قضاء قاضيهم إلا ما يرد من قضاء قاضي غيرهم . ( وقال في موضع آخر ) : إذا كان غير مأمون برأيه على استحلال دم ومال ، لم ينفذ حكمه ولم يقبل كتابه " .
قال
الماوردي : وقال في موضع آخر : إن كان غير مأمون برأيه على استحلال دم أو مال ، لم ينفذ حكمه ولم يقبل كتابه .
إذا
قلد أهل البغي قاضيا على البلاد التي غلبوا عليها ، نظرت حاله :
فإن كان يرى استحلال دماء أهل العدل وأموالهم : كان تقليده باطلا وقضاياه مردودة ، سواء وافقت الحق أو خالفته .
لأنه بهذا الاعتقاد فاسق ، وولاية الفاسق باطلة ، وبطلان ولايته توجب رد أحكامه .
[ ص: 135 ] وإن كان لا يرى استباحة ذلك : جاز تقليده القضاء إذا كان من أهل الاجتهاد ، سواء كان عادلا أو باغيا .
وقال
أبو حنيفة : لا تنعقد ولايته إذا كان من أهل البغي ، ولا تنفذ أحكامه .
وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه متأول بشبهة خرج بها من الفسق .
والثاني : أنه لما صح من الباغي أن يقلد القضاء ، صح منه أن ينفذ القضاء ، وصار في الحكم كالعادل ، كما كان في التقليد كالعادل .
فإذا حكم نفذت أحكامه على أهل البغي وأهل العدل ، ولم يرد منها إلا ما يرد من أحكام قضاة أهل العدل ، إن خالف نصا من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس غير محتمل .
فعلى هذا : لو
حكم بوجوب الضمان على أهل البغي فيما أتلفوه على أهل العدل ، نفذ حكمه : لأنه متفق عليه .
ولو
حكم بسقوط الضمان عنهم فيما أتلفوه على أهل العدل ، نظر : فإن كان فيما أتلفوه قبل الحرب أو بعدها ، لم ينفذ حكمه : لأنه مخالف للإجماع .
وإن كان فيما أتلفوه في حال القتل نفذ حكمه : لاحتماله في الاجتهاد ، وسقط عنهم الضمان .