الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن قتل باغ في المعترك غسل وصلي عليه ودفن . وإن كان من أهل العدل ففيها قولان : أحدهما : أنه كالشهيد . والآخر : أنه كالموتى ، إلا من قتله المشركون " .

قال الماوردي : أما إذا كان المقتول في معركة الحرب من أهل البغي : فإنه يغسل ويصلى عليه .

وقال أبو حنيفة : لا يغسل ولا يصلى عليه استهانة به وعقوبة له : لمخالفته في الدين ، كأهل الحرب .

ودليلنا : قول النبي صلى الله عليه وسلم : فرض على أمتي غسل موتاها ، والصلاة عليها .

ولأنه مسلم مقتول بحق ، فلم يمنع قتله من غسله والصلاة عليه ، كالزاني والمقتص منه ، بل هذا أحق بالصلاة منهما : لأن الزاني فاسق ، وهذا متردد الحال بين فسق وعدالة .

فأما استهانته فغير صحيح : لأنه لا يجوز أن يستهان بمخلوق في إضاعة حقوق الخالق .

وأما جعل ذلك عقوبة ، فالعقوبة إنما تتوجه إلى من يألم بها : ولأن العقوبات تسقط بالموت كالحدود .

فإن قيل : يعاقب بها الحي منهم .

قيل : لا يجوز أن يعاقب أحد بذنب غيره ، على أنهم يرون ترك الصلاة عليهم قربة لهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية