مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " فالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على جواز
أمان كل مسلم من حر وامرأة وعبد ، قاتل أو لم يقاتل لأهل بغي أو حرب " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
وأصل هذا : ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924403المسلمون تتكافأ دماؤهم ، وهم يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم .
[ ص: 142 ] قيل : إنه أراد عبيدهم .
فإذا ثبت هذا فالأمان ضربان : عام وخاص .
فأما العام : فهو
الهدنة مع أهل الحرب ، فلا يجوز أن يتولاها إلا الإمام دون غيره : لعموم ولايته ، فإن تولاها غيره لم يلزم . وإذا اختصت بالإمام ، كان إمام أهل العدل أحق بعقدها من إمام أهل البغي .
فإن عقدها إمام أهل البغي بطلت ، كما تبطل بعقد غير الإمام : لأن إمامة الباغي لا تنعقد .
وأما الأمان الخاص فيصح من كل مسلم لكل مشرك ، سواء كان الأمان من رجل أو امرأة ، من حر كان أو من عبد ، من عادل أو باغ ، فيكون أمان الباغي لازما لأهل البغي وأهل العدل ، وأمان العادل لازما لأهل العدل وأهل البغي .
فإن
أمن أهل البغي قوما من المشركين ، لم يعلم بهم أهل العدل حتى سبوهم وغنموهم لم يملكوا سبيهم وغنائمهم ، ولزمهم رد السبي والغنائم عليهم ، وكذلك لو
أمنهم أهل العدل ، وسباهم وغنمهم أهل البغي ، حرم عليهم أن يتملكوهم ، وحرم على أهل العدل أن يبتاعوهم .
وعلى إمام أهل العدل إذا قدر عليهم أن يسترجعه منهم ويرده على أهله من المشركين .
وهكذا لو
أمن أهل البغي قوما من المشركين ، ثم غدروا بهم فسبوهم وغنموهم ، لم يحل ابتياع السبي والغنائم منهم ، ولزم أهل العدل رد ما قدروا عليه .