فصل :
فأما الفصل الثاني : في جواز
تصرفه في ماله .
فظهور الردة منه موجبة لوقوع الحجر عليه : لعلتين :
أحدهما : أن تظاهره بها مع ما يفضي إليه من إباحة دمه دليل على سفه رأيه وضعف تمييزه .
والثاني : أن انتقال ماله عنه إلى من باينه في الدين ، يوجب حفظه عليه : لتوجه التهمة إليه ، حتى لا يسرع إلى استهلاكه عليهم ،
[ ص: 162 ] فإن حجر الحاكم عليه ، صح الحجر ، وفي معنى حجره وجهان :
أحدهما : أنه كحجر السفه وفي معناه ، إذا قيل : إن علة حجره سفه رأيه ، وضعف تمييزه .
والوجه الثاني : أنه كحجر المرض وفي معناه ، إذا قيل : إن علة حجره توجه التهمة إليه في حقوق المسلمين في ماله .
ويكون بعد الحجر عليه ممنوعا من التصرف في ماله ، فإن تصرف فيه فضربان :
أحدهما : أن يكون في تصرفه استهلاك لما له كالعطايا والهبات والوصايا والصدقات والوقف والعتق ، فكل ذلك باطل مردود ، سواء قيل : إن حجره حجر سفه ، أو حجر مرض .
فإن قيل : فهلا جازت وصاياه إذا قيل : إن حجره حجر مرض ، كما تجوز وصايا المريض .
قيل : لأن للمريض في ماله الثلث ، فأمضيت وصاياه من ثلثه ، وليس للمرتد ثلث تجعل وصاياه منه .
والضرب الثاني من تصرفه : ما لم يكن فيه استهلاك كالبيوع والإجارات بأعواض مثلها ، فيكون في صحتها وجهان بناء على معنى حجره :
أحدهما : أن جميعها باطلة إذا قيل : إن حجره حجر سفه : لأن عقود السفيه باطلة .
والوجه الثاني : أن جميعها جائزة ، إذا قيل : إن حجره حجر مرض : لأن عقود المريض جائزة .
وعلى هذين الوجهين يكون حكم إقراره بالديون والحقوق ، أحد الوجهين : بطلان إقراره بجميعها ، إذا قيل : إنه حجر سفه .
والوجه الثاني : صحة إقراره بجميعها ، إذا قيل : إنه حجر مرض .