مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ومن قتل مرتدا قبل أن يستتاب ، أو جرحه فأسلم ، ثم مات من الجرح ، فلا قود ولا دية ويعزر القاتل : لأن المتولي لقتله بعد استتابته الحاكم " .
قال
الماوردي : قد مضت هذه المسألة في كتاب الجنايات ، أن
المرتد يختص الإمام بقتله دون غيره : لأن قتله حق من
حقوق الله تعالى التي تنفرد الأئمة بإقامتها كالحدود .
فإن قتله غير الإمام لم يضمنه القاتل وعزر ؛ لأن الردة قد أباحت دمه ، فصار قتله هدرا كالحربي إذا قتله مسلم لم يضمنه لإباحة دمه ، لكن يعزر قاتل المرتد ، ولا يعزر قاتل الحربي .
والفرق بينهما :
إن قتل المرتد حد يتولاه الإمام فعزر المفتات عليه
وقتل الحربي جهاد يستوي الكافة فيه ، فلم يعزر المنفرد بقتله .
فأما إذا
جرح مرتدا ثم أسلم المجروح ، وسرى الجرح إلى نفسه في الإسلام فمات منه : فمذهب
الشافعي : أن دمه هدر لا يضمن : لأنها عن جناية في الردة غير مضمونة ، فكان ما حدث بعدها غير مضمون كالقطع في السرقة .
قال
الربيع : وفيها قول آخر : أنه ضامن لنصف ديته .
[ ص: 168 ] لأنه مرتد في حال الجناية ، ومسلم في حال السراية ، فسقط نصف الدية بردته ، ووجب نصفها بإسلامه .
وهذا القول من تخريج
الربيع من نفسه ، وليس بمحكي عن
الشافعي ، ولا تقتضيه أصول مذهبه .
فإن كان المرتد هو القاتل فقد مضى في الجنايات .