مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ومن ولد للمرتدين في الردة لم يسب : لأن آباءهم لم يسبوا " .
قال
الماوردي : قد مضى الكلام في أولاد المرتدين قبل الردة .
فأما
أولادهم بعد الردة : وهم المولودون لهم بعد ستة أشهر فصاعدا من ردتهم .
فإن كان أحد أبويهم مسلما : فهم مسلمون لا تجري عليهم أحكام الردة ، وكانوا كالمولودين قبل الإسلام على ما قدمناه .
[ ص: 171 ] وإن كان أبواهم مرتدين ، لم يجر عليهم حكم الإسلام بأنفسهم ولا بغيرهم ، ففيها قولان :
أحدهما : - وهو الأصح المنصوص عليه في هذا الموضع - أنه يجري عليهم حكم الردة : إلحاقا بآبائهم ، فلا يجوز سبيهم ولا استرقاقهم كآبائهم .
لكن لا يقتلون إلا بعد بلوغهم وامتناعهم من التوبة .
فإن ماتوا قبل البلوغ لم يصل عليهم ، ولم يورثوا ، وكان مالهم فيئا .
فيكونوا على هذا القول موافقين للمولودين قبل الردة من وجه : وهو أنهم لا يسبون ولا يسترقون . ومخالفين لهم من وجه : وهو أنه يجري عليهم حكم الردة قبل بلوغهم ، ويجري على المولودين حكم الإسلام قبل بلوغهم .
القول الثاني : أنهم مخالفون لآبائهم ، فيكونوا كفارا لم يثبت لهم حرمة الإسلام : لأن آباءهم وصفوا الإسلام فثبتت فيهم حرمته ، وهؤلاء لم يولدوا في إسلام آبائهم ولا وصفوه بأنفسهم ، فانتفت عنهم حرمة الإسلام بهم وبآبائهم .
فعلى هذا : يجوز سبيهم واسترقاقهم كأولاد أهل الحرب ، لكن لا يجوز أن يقروا بعد الاسترقاق على كفرهم : لدخولهم في الكفر بعد نزول القرآن .
ومن أسر منهم بعد البلوغ ، كان الإمام على خياره فيهم كأهل الحرب بين أربعة أشياء : قتل أو استرقاق أو فدا أو من .
فيكونوا مخالفين للمولودين قبل الردة من وجهين :
أحدهما : أنه لا يجري عليهم حكم الإسلام قبل بلوغهم ، وإن جرى حكمه على المولود قبل الردة .
والثاني : أنه يجوز سبيهم واسترقاقهم ، وإن لم يجز ذلك في المولود قبل الردة .