مسألة : قال
الشافعي : "
فإذا أصاب الحر أو أصيبت الحرة بعد البلوغ بنكاح صحيح فقد أحصنا ، فمن زنى منهما فحده الرجم حتى يموت " .
قال
الماوردي : قد ذكرنا الفرق في حد الزنا بين البكر والثيب ، وليس يراد بالثيب زوال العذرة : لعدم هذه الصفة في الرجال ، وإنما يراد بها الإحصان ، فيكون المراد بالثيب المحصن . والإحصان في كلامهم الامتناع ، ومنه سمي القصر حصنا : لامتناعه . وقيل : فرس حصان : لامتناع راكبه به . ودرع حصينة : لامتناع لابسها من وصول السلاح إليه . وقرية حصينة : لامتناع أهلها . قال الله تعالى :
لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة [ الحشر : 14 ] ، وإذا كان كذلك فالإحصان هو الأسباب المانعة من الزنا ، وهي أربعة شروط يصير الزاني بها محصنا :
[ ص: 196 ] أحدهما :
البلوغ : لأن الصغير لا يتوجه إليه خطاب يصير به ممتنعا .
والثاني :
العقل : لأن العقل يمنع من المعاصي .
والثالث :
الحرية : لأنها تمنع من ذلة الاسترقاق ونقص القبائح ، ولأن الرجم أكمل الحدود ، فوجب أن يختص بأكمل الزنا .
والرابع :
الإصابة في نكاح صحيح : لأن النكاح أكمل ما يمنع من الزنا ، فكان شرطا في أكمل حديه ، والعقد لا يمنع حتى توجد فيه الإصابة المانعة من غيره .