الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل :

وإذا ارتد المحصن لم يرتفع إحصانه في الردة ، ولا إذا أسلم ، وكان حده الرجم إن زنا . وقال أبو حنيفة : قد ارتفع إحصانه بردته ، ولا يعود إلى الإحصان بإسلامه حتى يطأ بعد الإسلام في نكاح صحيح . فجعل استدامة الإسلام شرطا في بقاء الحصانة ، كما جعله شرطا في أصل الحصانة : احتجاجا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أشرك بالله فليس بمحصن " ولأنه أسلم بعد كفر ، فوجب أن يستأنف شرائط الحصانة فيه ، كالكافر الأصلي ، ولأنه مبني له على أصله في اشتراك الإسلام في إحصانه .

ودليلنا : قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنـا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس وهذا زنـا بعد إحصان ، فوجب أن يستحق به القتل .

وكان تحرير الاستدلال من هذا الخبر قياسا فنقول : لأنه زنـا بعد إحصان فوجب أن يكون حده الرجم كالذي لم يرتد ، ولأنه إحصان ثبت في الإسلام قبل الردة فوجب أن يكون ثابتا في الإسلام بعد الردة ، قياسا على حصانة القذف .

فأما استدلاله بالخبر فلا يتوجه إلى المسلم بعد الردة : لأنه ليس بمشرك فسقط .

وأما قياسه على الكافر الأصلي فغير مسلم في أصله : لأن الكافر يكون عندنا محصنا قبل إسلامه ، وهو مخالف في بنائه على أصله .

التالي السابق


الخدمات العلمية