فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من الشرائط فليس يخلو
حال المأموم الواقف خارج المسجد من ثلاثة أمور : إما أن يكون عن يمينه الإمام أو على يساره ، أو وراءه فلا تصح صلاته في هذه الأحوال كلها إلا أن يكون محل ذيل الباب مفتوحا يشاهد من المسجد وصلاة من فيه ، ويكون على قرب ، واعتبار القرب من سور المسجد لا من موقف الإمام ، ولا من انتهاء الصفوف الداخلة فيه ، فإذا كان محاذيا لباب المسجد مشاهدا له ، ولأصله ، وكان بينه وبين سوره دون الثلاثمائة ذراع صحت صلاته وصلاة من اتصل به يمينا وشمالا ، ووراء ولم تصح صلاة من يقدمه إمامه : لأن المتقدم إذا لم يشاهد المسجد صار تابعا لمن شاهده ، فإذا تقدم على متبوعه كان كالمتقدم على إمامه ، فلو اتصل الصف عن يمينه أميالا ، ويساره أميالا ، ووراءه أميالا صحت صلاة جميعهم ما لم يحل بينهم حائل من سترة ، أو جدار ، ولا يبعد بعضهم عن بعض ثلاثمائة ذراع إن حال بينهم حائل فصلاة من وراء الحائل باطلة ، وإن بعد بعضهم عن بعض ثلاثمائة ذراع فصلاة المنقطع البعيد باطلة ، واعتبار القرب والبعد من أواخر الصفوف
[ ص: 346 ] الخارجة ، وليس الطرق النافذة حائلا بين بعضهم وبعض بل حكمها حكم غيرها من المرفوع سواء .
وقال
أبو حنيفة : الطرق النافذة حائل يمنع من صحة الصلاة ، وذهب إليه بعض أصحابنا وهو خطأ لما روي أن
أنسا صلى في بيوت
حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، والمسجد طريق ، ولأنه لو كان الطريق حائلا يمنع الائتمام لم تصح الجمع في الصحراء ، لأن جميعها طرق وقد ثبت بالإجماع أن صلاة الجماعة لو اتصلت في الصحراء أميالا جاز ، وفي ذلك دليل على بطلان مذهب من قال إن الطريق حائل .