فصل :
فإذا تقرر ما وصفنا من
حكم الشهادة على الزنا إذا لم يجب بها حد الزنا ، وفي وجوب حد القذف على الشهود أو سقوطه عنهم على الترتيب الذي قدمناه .
فإن قلنا : إنه لا حد عليهم ، كانوا على عدالتهم في سماع شهادتهم وقبول خبرهم .
وإن قلنا : إن الحد واجب عليهم ، لم تسمع شهادتهم : لأنه لا يحد للقذف إلا قاذف ، والقاذف لا تسمع شهادته حتى يتوب ، وبذلك قال
عمر رضي الله عنه
لأبي بكرة : " تب أقبل شهادتك " . فأما قبول أخبارهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيه وجهان :
[ ص: 236 ] أحدهما : وهو قول
أبي حامد الإسفراييني أن أخبارهم مقبولة : لأن المسلمين قبلوا روايات
أبي بكرة ، ومن حد معه ولم يقبلوا شهادتهم .
والوجه الثاني : وهو أقيس أنه لا تقبل أخبارهم كما لا تقبل شهادتهم : لأن ما جرح في تعديل الشهادة المتعلقة بالحقوق كان أولى أن يجرح في تعديل الرواية المتعلقة بالدين ، والله أعلم .