فصل :
وأما
الشروط المعتبرة في القاذف فثلاثة شروط : البلوغ ، والعقل ، والحرية ، فإذا استكملها القاذف حد حدا كاملا إذا كان المقذوف كاملا . فإن أخل بالبلوغ والعقل فلا حد عليه بالقذف : لارتفاع القلم عنه ، ولأنه لا يحد بالزنا ، فكان أولى أن لا يحد للقذف بالزنا . وإن
كان القاذف عبدا حد بالقذف أربعين نصف حد الحر .
وقال
داود : يحد ثمانين حدا كاملا كالحر ، وهو قول
عمر بن عبد العزيز ،
والزهري تعلقا بظاهر قوله تعالى :
فاجلدوهم ثمانين جلدة [ النور : 4 ] ، وهذا غير صحيح : لأن فعل الزنا أغلظ من القذف به ، وهو لا يساوي الحر في حد الزنا ، فكان أولى أن لا يساويه في حد القذف بالزنا .
روي عن
عامر بن عبد الله بن ربيعة أنه قال : أدركت
أبا بكر وعمر ومن بعدهما من الخلفاء فلم أرهم يضربون المملوك في القذف إلا أربعين فكان إجماعا .
فأما الآية فواردة في الأحرار : لأنه منع فيها من قبول شهادتهم لقذفهم ، والعبد لا تسمع شهادته قاذفا أو غير قاذف ، فإن
كان القاذف كافرا حد حدا كاملا : لأنه ينقص عن المسلم في الحق الذي له ، ولا ينقص عنه في الحق الذي عليه . والله أعلم .