مسألة : قال
الشافعي : " وجملة الحرز : أن ينظر إلى المسروق فإن كان الموضع الذي سرق منه ينسبه العامة إلى أنه حرز في مثل ذلك الموضع ، قطع إذا أخرجها من الحرز . وإن لم ينسبه العامة إلى أنه حرز لم يقطع . ورداء صفوان كان محرزا باضطجاعه عليه ، فقطع عليه السلام سارق ردائه " .
قال
الماوردي : وهذا هو الشرط الثاني في القطع : وهو الحرز . فلا يجب القطع إلا في
السرقة من حرز ، والسرقة أخذ الشيء على سبيل الاستخفاء ، فإن جاهر بأخذه غصبا أو نهبا واختلاسا ، فليس بسارق ولا قطع عليه .
وأما
الحرز : فهو ما يصير المال به محفوظا على ما سنصفه . فإن
كان المال في غير حرز فلا قطع فيه . فإذا استكمل هذان الشرطان مع ما قدمناه من قدر النصاب وجب القطع حينئذ ، وبهذا قال
أبو حنيفة ومالك .
وقال
داود : لا اعتبار بالحرز ، والقطع واجب بالسرقة من حرز وغير حرز .
وقال
أحمد بن حنبل : لا اعتبار بالسرقة والاستخفاء ، والقطع واجب على المجاهر بأخذ المال بغصب أو انتهاب أو اختلاس ، حتى لو خان أو جحد وديعة أو عارية وجب عليه القطع .
واستدل
داود بقول الله تعالى :
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [ المائدة : 38 ] ، فكان على عمومه . واستدل أحمد برواية
ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما
nindex.php?page=hadith&LINKID=924698أن امرأة مخزومية كانت تستعير وتجحد ، فقطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والدليل على
داود قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924694لا قطع في ثمر ولا كثر فأسقط القطع فيه : لأنه غير محرز ، ثم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924699فإذا آواه الجرين ففيه القطع لأنه قد صار حرزا به .
وروى
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924700سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حريسة [ ص: 281 ] الجبل ، فقال : ليس في الماشية قطع ، إلا أن يأويها المراح ، ولا في الثمر قطع إلا أن يأويه الجرين وفي حريسة الجبل تأويلان :
أحدهما : يعني محروسة الجبل ، فعبر عن المحروسة بالحريسة ، كما يقال مقتولة وقتيلة .
والثاني : أنه أراد سرقة الجبل ، يقال : حرس إذا سرق . فيكون من أسماء الأضداد .
وروى بعض أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
لا قطع إلا من حرز وهو ضعيف ، ولأن الإنسان لا يقدر على حفظ ماله بنفسه أبدا ، فأقيمت الأحراز مقام الأنفس في الحفظ والصيانة .
والدليل على
أحمد ، ما رواه
ابن جريج ، عن
أبي الزبير ، عن
جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924702ليس على الخائن ولا المختلس ولا المنتهب قطع وهذا نص ، ولأن السرقة مأخوذة من المسارقة وهو الاستخفاء ، فخرج منها المجاهر والجاحد ، فأما الآية فمخصوصه العموم بما ذكرنا .
وأما خبر المخزومية فإنما قطعها لأنها سرقت .
وقولهم : كانت تستعير الحلي فتجحد ذكر على سبيل التعريف ، كما قيل : مخزومية . ولم يكن قطعها بجحود العارية ، كما لم يقطعها لأنها مخزومية .