فصل :
فإذا ثبت أن
الحرز شرط في قطع السرقة ، فالأحراز يختلف باختلاف المحرزات اعتبارا بالعرف : لأنها لما لم تتقدر بشرع ولا لغة ، اعتبر فيها العرف . كما اعتبر العرف في القبض والافتراق في البيع والإحياء في الموات : لما لم يتقدر بشرع ولا لغة تقدر بالعرف . وإذا كان كذلك ، فالعرف جار بأن ما قلت قيمته من الخشب والحطب
[ ص: 282 ] خفت أحرازه ، وما كثرت قيمته من الجواهر والفضة والذهب غلظت أحرازه ، وما توسطت قيمته من الحنطة والزيت توسطت أحرازه .
وقال
أبو حنيفة : الإحراز لا يختلف باختلاف الأموال ، وكان حرزا لأقلها كان حرزا لأكثرها ، حتى جعل دكان البقلي حرزا للجواهر . وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : اختلاف العرف فيه ، فإن الجواهر في العرف محرزة في أخص البيوت بأوثق الأبواب وأكثر الإغلاق ، والحطب والحشيش يحرز في الحظائر المرسلة ، وشرائح الخشب ، والبقل يحرز في دكاكين الأسواق بشرائح القصب ، فوجب أن يكون اختلاف العرف فيه معتبرا .
والثاني : أن التفريط متوجه إلى من أحرز أنفس الأموال وأكثرها في أقلها حرزا وأحقرها ، وتوجه التفريط إليه يمنع من استكمال الحرز ، والله أعلم .