فصل :
وإذا
سرق وقفا مسبلا من حرز لم يخل حاله من أن يكون عاما أو خاصا ، فإن كان عاما في وجوه الخيرات وعموم المصالح فلا قطع على سارقه : لأنه في حكم مال بيت المال ، الذي يعم مصالح المسلمين وهو أحدهم . ولو كان السارق ذميا لم يقطع : لأنه تبع للمسلمين ، فإن كان خاصا على قوم بأعيانهم فإن كان السارق واحدا من أهله لم يقطع : لأن له فيه شركا وإن لم يكن من أهله ، ففي قطعه ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو الظاهر من مذهب
الشافعي أنه يقطع ، سواء قيل : إن رقبة الوقف مملوكة أو غير مملوكة . كما يقطع في أستار
الكعبة وآلة المساجد .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب
أبي حنيفة أنه لا يقطع ، سواء قيل : إن رقبة الوقف مملوكة أو غير مملوكة : لأن تحريم بيعه قوة لملكه ، وخالف آلة المسجد وأستار
الكعبة التي هي من حقوق الله تعالى المغلظة ، والوقف من حقوق الآدميين المحرمة ، فلهذا الفرق ما افترقا ، وإن كان ابن
أبي هريرة مسويا بينهما .
والوجه الثالث : أن يقطع فيه إن قيل : إنه مملوك الرقبة . ولا يقطع إن قيل : إنها لا تملك : لأنه ما لا يملك في حكم المباح ، وإن لم يستبح ، فأما نماء الوقف كالثمار
[ ص: 308 ] والنتاج فيقطع فيه وجها واحدا كسائر الأموال : لأنه على حكمها في جواز البيع والتصرف .