فصل :
فإذا تقرر ما ذكرنا من شرح المذهب في قطع السارق قبل حضور الغائب ، فإن قلنا : يعجل قطعه ولا يؤخر . انتزعت منه السرقة إن كانت عينا : وأغرم قيمتها إن كانت مستهلكة ، ووقفت على حضور الغائب ، فإن ادعاها سلمت إليه ، وإن أنكر نظر ، فإن كان ثبوتها بشهادة ردت عليه السرقة ، وإن كان ثبوتها بإقرار لم ترد ، وكانت في بيت المال حتى يثبت بها مستحق : لأنه في الإقرار منكر لاستحقاقها ، وفي الشهادة غير منكر لاستحقاقها . ولو
أقر رجل بدين لغائب ترك عليه ولم يؤخذ منه بخلاف السرقة : لأن صاحب الدين راض بذمته ، وصاحب السرقة غير راض بها .
وإن قلنا : يؤخر قطعه ولا يعجل لم تخل السرقة من أن تكون باقية أو مستهلكة ، فإن كانت مستهلكة ، استقر غرمها في ذمته ، ولم تقبض منه : لتكون ذمته مرتهنة بها ، ويحبس على حضور الغائب بحقه وحق الله تعالى في قطعه . وإن كانت باقية في يده ، حجر عليه فيها حفظا لها ولم تنتزع منه : لتكون باقية في ضمانه ، وهل يحبس على حضور الغائب أم لا ؟ على وجهين :
[ ص: 338 ] أحدهما : لا يحبس لبقاء العين المسروقة .
والوجه الثاني : أنه يحبس لحق الله تعالى في قطعه ، والله أعلم .