مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وفي
إقرار العبد بالسرقة شيئان : أحدهما لله في بدنه فأقطعه ، والآخر في ماله وهو لا يملك مالا ، فإذا أعتق وملك أغرمته " .
قال
الماوردي : هذه المسألة قد مضت ، وأصلها : أن إقرار العبد فيما اختص ببدنه مقبول ، وفيما اختص بالمال غير مقبول .
وقال
مالك ،
وأبو يوسف ،
وداود : لا يقبل إقراره في البدن ولا في المال . وهذا فاسد : لأمرين :
أحدهما : أن إقراره أنه لم يصل ولم يصم ، نافذ فيما يؤمر به من الصلاة والصيام ، حتى لو امتنع من الصلاة قتل بإقراره أنه لم يصل ، فكذلك فيما عداه .
والثاني : وهو فرق بين المال والبدن ، بأن التهمة مرتفعة عنه فيما تعلق ببدنه ، ومتوجهة إليه فيما تعلق بالمال ، فقبل إقراره في بدنه ، ولم يقبل في المال ، فإذا ثبت هذا وأقر بسرقة قطع بإقراره .
وأما المال ،
فللشافعي فيه قولان ، فاختلف أصحابنا في محلها على ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو قول
أبي إسحاق المروزي أن القولين في المال إذا كان باقيا في يده ، هل يقبل إقراره فيه أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : لا يقبل لتوجه التهمة إليه .
والثاني : يقبل لاتصاله بالقطع الذي لا يتهم فيه ، فأما مع استهلاك المال فلا يقبل
[ ص: 341 ] في تعلقه برقبته قولا واحدا : لأن لغرمه محلا يثبت فيه ويفرد منه : ليؤديه بعد عتقه .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي حامد المروزي ، وجمهور
البصريين أن القولين في المال إذا كان تالفا ، هل يتعلق برقبته فيباع فيه أم لا ؟ على قولين . فأما إذا كان المال باقيا فلا يقبل إقراره فيه : لأن يده يد السيد فصار كإقراره بسرقته ما في يده .
والوجه الثالث : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة أن القولين على العموم في الموضعين معا ، سواء كان المال باقيا في يده أو تالفا ، هل ينفذ إقراره فيه ؟ على قولين : لأن رقبته وما في يده جميعا في حكم ما في يد سيده ، فإن نفذ إقراره في أحدهما ، نفذ في الآخر ، وليس للفرق بينهما وجه ، والله أعلم .