مسألة : قال
الشافعي : "
وقطاع الطريق : هم الذين يعترضون بالسلاح القوم حتى يغصبوهم المال في الصحاري مجاهرة ، وأراهم في المصر ، إن لم يكونوا أعظم ذنبا فحدودهم واحدة " . قال
الماوردي : قد ذكرنا أن المحاربين من قطاع الطريق : هم الذين يعترضون الناس بالسلاح جهرا ، ويأخذون أموالهم مغالبة وقهرا ، وسواء كانوا في صحراء أو مصر ، يجري عليهم في الموضعين حكم الحرابة . وقال
مالك : لا يجري عليهم حكم الحرابة إلا أن يكونوا خارج المصر على ثلاثة أميال فصاعدا . وقال
أبو حنيفة : لا يجري عليهم حكم الحرابة في المصر ، ولا فيما قاربه من خارج المصر ، إذا كانا بحيث يدركهم في الوقت غوث أهل المصر . ويجري عليهم حكمها إذا كانوا في صحراء لا يدركهم غوث المصر استدلالا بأن إدراك الغوث ينفي حكم الحرابة ، كمن كبس دارا في المصر فنهبها .
[ ص: 361 ] ودليلنا : عموم قول الله تعالى :
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا [ المائدة : 33 ] ولم يخص . ولأن كل سبب وجب به الحد في غير المصر وجب به ذلك الحد في المصر ، كالزنا والقذف وشرب الخمر . ولأنهم في المصر أغلظ جرما من الصحراء : لثلاثة أمور : أحدها : أن الأغلب أمن المصر وخوف الصحراء . والثاني : أن المصر في قبضة السلطان دون الصحراء . والثالث : أن المصر يجمع في الأغلب ملك الإنسان ولا تجمعه الصحراء ، فكان أحسن أحوالهم أن يكونوا في أغلظ الأمرين كأخفهما . فأما الاستدلال بكبس الدار في المصر ، فسنذكر من حكم المصر ما يكون انفصالا عنه .