مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وفيه الحد قياسا على الخمر " .
قال
الماوردي : أما
شارب الخمر فعليه الحد سكر منه أو لم يسكر . وقد دللنا عليه . وأما
شارب النبيذ فإن سكر منه حد في قول الجميع ، وإن لم يسكر منه حد في قول من حرمه ، ولم يحد في قول من أحله . وقد دللنا على تحريمه فوجب فيه الحد كالخمر ، وهما في الحد سواء . وإن كان الخمر أغلظ مأثما كما أن
الحد في الخمر يستوي فيه من سكر منه ومن لم يسكر ، وإن كان السكر أغلظ مأثما ، فهذا حكم الحد . فأما التكفير
فلا يكفر مستحل النبيذ ، ويكفر مستحل الخمر .
وقد مضى وجه الفرق بينهما . وأما التفسيق :
فيفسق شارب الخمر في قليلها وكثيرها . وأما شراب النبيذ فيفسق في كثير المسكر ، والتفسيق في قليله معتبر بحال شاربه . فإن تأوله في شربه ، إما باجتهاد نفسه ، إن كان من أهل الاجتهاد ، أو بفتيا فقيه من أهل الاجتهاد ، لم يفسق وإن حد .
وإن شربه غير متأول فسق وحد ، فاستوى حده في الحالين . وإن افترق بفسقه فيهما .
وقال
مالك : يفسق في الحالين ، كما يحد فيهما ، ولا تبقى مع وجوب حده عدالة .
[ ص: 408 ] ودليلنا : هو أن
شرب ما اختلف فيه لا يوجب الفسق إذا تأوله ، كشارب لبن الأتن ، ولأن العدالة لا تمنع من وجوب الحد إذا تاب بعد شربه وقبل حده . فإنه يحد وهو عدل ، كذلك لا يمتنع أن يجب الحد عليه وهو عدل : لتسوية بين حال الابتداء والانتهاء .
والفرق بين الحد والتفسيق في التأويل : لأن
الحد موضوع للزجر ، فاستوى فيه حال المتأول وغير المتأول . والتفسيق : مختص بالحظر ، فافترق فيه حكم المتأول وغير المتأول .